أولا، و على الثاني إما أن يقوم عنده طريق معتبر أو لا، لئلا تتداخل الأقسام فيما يذكر لها من الأحكام، و مرجعه على الأخير إلى القواعد المقررة عقلا أو نقلا لغير القاطع، و من يقوم عنده الطريق، على تفصيل يأتي في محله- إن شاء اللّه تعالى- حسبما يقتضي دليلها.
و كيف كان فبيان أحكام القطع و أقسامه، يستدعي رسم أمور:
الأمر الأول: لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا [1]، و لزوم الحركة على طبقه جزما و كونه موجبا لتنجّز التكليف الفعلي فيما أصاب.
الظاهرية. فقد رجع فيها إلى المجتهد في كلا العلمين و إن لم يلتفت إلى ذلك تفصيلا، و فحص المجتهد في الوقائع لحصول العلم الأوّل لا أنّ للفحص بنفسه خصوصية و موضوعية، و يأتي تمام الكلام في ذلك في بحث جواز التقليد إن شاء اللّه تعالى.
وجوب العمل بالقطع عقلا
[1] ظاهر كلامه (قدّس سرّه) أنّه مع القطع بالحكم الفعلي يترتب عليه عقلا وجوب متابعته و العمل على طبقه، و أن القطع بالتكليف الفعلي يوجب تنجّزه فيما أصاب باستحقاق الذم و العقاب على مخالفته، و كون العمل به عذرا فيما إذا أخطأ قصورا، و قال: صريح الوجدان- أي عقل كل إنسان- شاهد و حاكم بذلك فلا يحتاج إلى إقامة الدليل على ذلك.
أقول: لا ينبغي التأمل في أن وجوب متابعة القطع بالحكم الفعلي عين لزوم العمل على طبقه، فالمراد منهما واحد، و أنّ الثاني عطف تفسير للأوّل، و هل كون القطع بالتكليف الفعلي و وجوب متابعته أيضا عين كونه منجّزا للتكليف فيما إذا أصاب كما احتمل البعض، أو أنّ المراد منهما متعدّد؟ و ظاهر كلامه كما ذكرنا تعدّدهما و كون كلّ منهما مترتبا على القطع بالتكليف عقلا من غير أن يكون بينهما