و ربما يجاب عن الإشكال، بأن المجتهد في الوقائع نائب عن مقلّديه فيحسب شكّه شكّا منهم، و قد ذكر ذلك الشيخ الأنصاري في بعض كلماته و تبعه بعض من تأخر عنه (قدّس سرّه)، و ذكر المحقق الاصفهاني (قدّس سرّه) أنّ ما دلّ على جواز التقليد مقتضاه تنزيل المجتهد منزلة مقلديه، فيكون مجيء الخبر إلى المجتهد بمنزلة مجيئه إلى مقلديه، و يقين المجتهد و شكّه بمنزلة يقين مقلديه و شكّهم، و المجتهد هو المخاطب في موارد الأمارات و الاصول عنوانا، و المقلّد هو المخاطب لبّا، و إلّا كان تجويز الإفتاء و الاستفتاء لغوا.
أقول: لو ثبت دعوى نيابة المجتهد عن العامي لا يبقى الإشكال، بأن العمل بمقتضى الاصول العملية مشروط بالفحص و عدم الظفر بالدليل على التكليف أو الحكم الواقعي و المقلّد عاجز عن هذا الفحص فلا يتحقق في حقّه شرط اعتبارها، و كذا الشرط في اعتبار أمارة في واقعة يكون بإحرازها و عدم المعارض لها أو عدم الظفر بها بعد الفحص، و العامي عاجز عن ذلك، و الوجه في عدم بقاء الإشكال أنّ المجتهد في فحصه عن الدليل على الحكم الواقعي و عدم الظفر بالدليل عليه أو ظفره به و عدم المعارض له يكون نائبا عن العامي بمقتضى فرض النيابة، و لكن الدعوى لم تثبت بدليل، و لا بما دلّ على جواز الإفتاء و الاستفتاء، فإن المستفاد مما دلّ على جواز الإفتاء جواز تعيين الكبرى المجعولة في الوقائع بحسب مقتضى الأدلّة القائمة بالكبريات المجعولة فيها، و أما الشك الموضوع في أدلّة الاصول و خطاباتها فلا يعمّ الشكّ غير المباشري، و أنّ شكّ المجتهد يحسب شكا من المقلد و يقينه يقينا من المقلد، فلا يستفاد مما ذكر شيء.