المقصد السادس فلأنّ نتيجة اعتبار الأمارات أن يثبت لها بعض ما كان للقطع بالتكليف و الحكم عقلا مع أنّها معتبرة في حق غير العالم، و القاطع بالواقع، فيكون المناسب التعرض لبعض ما يترتب على العلم و القطع عقلا.
و يرجع إلى ما قرّرنا ما ذكر الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) من أن البحث في المقام في الحجة على الحكم الشرعي و إطلاق الحجة على نفس القطع بالحكم و التكليف مسامحة، فإنّ الحجة ما يقع وسطا في قياس استنباط الحكم الشرعي الفرعي الكلّي، فيقال عصير العنب بعد غليانه و قبل ذهاب ثلثيه مما يظن بحرمته، و كلّ ما يظن بحرمته بالظن المطلق أو الخاص يحرم، بخلاف العلم بالحرمة، فإن القول بأن الميتة مما علم حرمة أكلها، و كلّ ما علم حرمته يحرم، غير صحيح، فإنّ العلم بالحرمة لا يمكن أن يؤخذ في موضوع تلك الحرمة.
لا يقال: هذا جار في الظن أيضا فإنّ حرمة العصير العنبي لا يمكن أن يؤخذ في موضوعها الظن بحرمته سواء كان ظنا مطلقا أو ظنّا خاصا.
فإنّه يقال: الحرمة المأخوذ في موضوعها الظن بالحرمة هي حرمة طريقية، و المأخوذ في موضوعها الظن بالحرمة الواقعية النفسية، فلا إشكال في أخذ الظن بالحكم و التكليف وسطا في قياس الاستنباط بخلاف القطع بالحكم و التكليف فإنه غير قابل لجعل حكم طريقي بالإضافة إلى الحكم أو التكليف المقطوع.
و هذا بناء على أن اعتبار الأمارة يكون بجعل الحكم التكليفي الطريقي، و أما بناء على أنّه باعتباره علما بالواقع فالأمر كذلك أيضا، فيمكن وقوع خبر الثقة وسطا في قياس الاستنباط، فيقال العصير العنبي مما قام خبر الثقة بحرمته بالغليان، و كلّ ما