و أمّا إذا قصده، و لكنه لم يأت بها بهذا الداعي، بل بداع آخر أكّده بقصد التوصل، فلا يكون متجرّئا أصلا.
و بالجملة: يكون التوصل بها إلى ذي المقدمة من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة، لا أن يكون قصده قيدا و شرطا لوقوعها على صفة الوجوب، لثبوت ملاك الوجوب في نفسها بلا دخل له فيه أصلا، و إلا لما حصل ذات الواجب و لما سقط الوجوب به، كما لا يخفى.
و لا يقاس على ما إذا أتى بالفرد المحرّم [1] منها، حيث يسقط به الوجوب، الغيري، لأنّ الامتثال عبارة عن الإتيان بمتعلّق أمر بداعوية ذلك الأمر، و قد تقدّم أنّ داعوية الأمر الغيري إلى متعلّقه تتبع داعوية الأمر النفسي إلى متعلّقه، فما دام لم يقصد التوصّل لا يكون للأمر الغيري داعوية. و ثانيهما أنّ المكلّف بقصد التوصّل يعدّ آخذا في امتثال الواجب النفسي فيستحقّ المزيد من المثوبة على الواجب النفسي، لصيرورته بذلك القصد من أشقّ الأعمال، على ما تقدّم.
و فيه: أنّ مجرّد غسل الثوب أو البدن مع قصد الصلاة بعد ذلك لا يعدّ شروعا في امتثال الأمر بالصلاة، مع أنّ الصلاة أوّلها التكبير و آخرها التسليم، و هذا يشبه القول بأنّ شراء اللحم من السوق بقصد أكله بعد الطبخ، شروع في الطبخ أو الأكل، كما لا يخفى. و أمّا دعوى داعوية الأمر الغيري تتبع لداعوية الأمر النفسي فقد تقدّم [1] ما فيها، فلا نعيد.
[1] قد التزم الشيخ (قدّس سرّه) بالإجزاء فيما إذا أتى بالمقدّمة من غير قصد التوصّل و لكنّه خصّص الوجوب الغيري بما إذا أتى بها بقصده، و قاس الإتيان بذات المقدّمة