هذا، لكنه لا يخفى أن الداعي لو كان هو محبوبيته كذلك- أي بما له من الفائدة المترتبة عليه- كان الواجب في الحقيقة واجبا غيريا، فإنه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازما، لما دعي إلى إيجاب ذي الفائدة.
فإن قلت: نعم و إن كان وجودها محبوبا لزوما، إلا أنه حيث كانت من الخواصّ و لكن لا يخفى ما فيه، فإنّه يكفي في التمكّن المعتبر في التكليف و خروجه عن اللغويّة، التمكّن على الواجب و لو بالتمكّن على سببه؛ و لذا يتعلّق التكليف بالمسبّب، نظير الأمر بالطهارة الحاصلة من الوضوء أو الغسل، و بالتمليك و التزويج و الطلاق و العتاق و غيرها من المسبّبات الحاصلة بالعقد أو الإيقاع.
و أجاب (قدّس سرّه) عن أصل الإشكال بأنّ الفعل بلحاظ ترتّب الأثر عليه و وجود المصلحة فيه يتّصف بالعنوان الحسن، فيستحقّ فاعله المدح و يذمّ تاركه، و إذا تعلّق الأمر به بهذا الاعتبار يكون وجوبه نفسيا، بخلاف الواجب الغيري، فإنّه لا يترتّب عليه الملاك و لا الأثر المحسّن له، بل يوجب أن يحصل ذلك العنوان الحسن لفعل آخر، فيكون إيجاب ذلك الآخر نفسيا، و إيجاب هذا الفعل غيريّا.
نعم قد يكون فيما يتعلّق به الأمر الغيري جهتان، فيتّصف بالحسن بإحدى الجهتين، فيكون إيجابه نفسيّا، كصلاة الظهر، فإنّها واجب نفسي، و مع ذلك توجب حصول الملاك لصلاة العصر، فيكون وجوبها غيريا بالإضافة إلى التوصّل إلى صلاة العصر.
أقول: الأمر في الواجبات التوصليّة بلحاظ الأثر المترتّب عليها لا بلحاظ حسنها، كالأمر بدفن المتوفى، و أداء الدّين و غيرهما، و لذا يسقط الأمر بها و لو أتى بها بغير قصد القربة أو بنحو محرّم، و لو في بعض الموارد.
و ذهب المحقّق النائيني (قدّس سرّه) في المقام إلى أنّه لو كان الأثر مترتّبا على الفعل