كما ترى، فإنّ الاعتباريات تدخل في الأحكام لموضوعاتها و تكون قابلة للإلغاء مع بقاء موضوعاتها بخلاف الاعتباريات العقليّة التي لها منشأ انتزاع حقيقي فانّها غير قابلة للإلغاء و لا تنعدم إلّا بانعدام منشأ انتزاعها و الاعتبارات يفرض لها حصول بإزائها خارجا كالزوجية و الملكية و يفرض لها حصول بمنشئها التي هي من قبيل الموضوع لها، لا لأنّ لمنشا انتزاعها خصوصية واقعية بل تكون الخصوصية أيضا اعتبارية كالمغصوبيّة كما لا يخفى، و بالجملة فالتعرض لهذا الأمر إنّما هو لبيان عدم امكان اطلاق متعلق الوجوب بحيث يشمل ما تعلق به النهي.
و ذكر المحقق الأصفهاني 1 في التعليق على كلام الماتن 1 أنّه قد تقدم في بحث تعلّق الأوامر بالطبائع أنّ الوجود الخارجي لا يقوم به الطلب و إذا لوحظ أنّ الإيجاد عين الوجود ذاتا و اختلافهما بالاعتبار فيعلم أنّ الطلب لا يقوم بالإيجاد الخارجي لأنّه عين الوجود، و معنى تعلّق الشوق بالوجود و الإيجاد كما مرّ أنّ القوة العاقلة كما لها قوة لحاظ الشيء بلحاظ الحمل الأولى كذلك لها قوة لحاظه بالحمل الشائع، فتلاحظ الصلاة الخارجية مثلا التي حيثيّتها حيثية طرد العدم و يترتب عليها الغرض و الأثر فيطلبها و يبعث نحوها، و من الواضح أنّ البعث نحو الفاني لا ينافي قيام الغرض و الأثر بالمفنيّ فيه.
و الحاصل أنّ الصلاة الخارجيّة في مقام تعلّق البعث و الإرادة بمعنى إحضار العقل إيّاها و فرضها و تعلّق البعث بها إنّما هو لاخراجها عن الفرض و التقدير إلى الفعليّة، فالصلاة المفروضة فانية في الصلاة الخارجية و هذا يصحّح البعث نحو الفاني مع قيام الغرض بالمفنيّ فيه و لا يقتضي سريان ما يقوم بالفاني إلى المفني فيه فإنّه محال و ليس نسبة الوجود العنواني إلى الوجود العيني نسبة الاتحاد و العينيّة [1].