الوجوب العيني فانّه سنخ يقتضي أن يأتي كلّ واحد ممّا وجب عليه و لا يسقط الوجوب عنه إلّا بذلك، و المصحّح لكون الوجوب الكفائي سنخا و العيني سنخا آخر هو الغرض الملحوظ في ايجاب الفعل، فقد يكون الغرض من التكليف حصول أمر واحد و يحصل ذلك بفعل أي مكلّف، و قد يكون الغرض انحلاليّا و يترتب على فعل كل مكلف ذلك الغرض المطلوب حصوله من فعله فيكون الوجوب عينيا، و ذكر (قدّس سرّه) أنه لو فرض حصول الفعل من كلّ من كان مكلفا بالفعل المزبور دفعة حصل الامتثال من الجميع و استحق كل منهم المثوبة و يستند حصول الغرض إلى فعل الجميع كما هو مقتضى توارد العلل المتعددة على معلول واحد.
أقول: ترتب الغرض على الفعل الصادر و لو عن مكلف و سقوط التكليف به عن الآخرين لا يوجب اختلاف الوجوب الكفائي عن العيني في سنخ الوجوب بأن يكون للوجوب نوعين مختلفين في ذاتهما، بل يمكن أن يكون ذلك بإطلاق الوجوب في الواجب العيني و بالاشتراط و تقييد الوجوب في الكفائي، فالوجوب الكفائي كالعيني و إن كان يتعلّق بكل مكلف و لا يكون في تعلّقه بهم اشتراط غير تحقق الموضوع إلّا أنّ الواجب الكفائي في ناحية بقاء وجوبه يقيّد بعدم صدور الفعل عن البعض الآخر بخلاف الوجوب العيني فإنّه لا تقييد فيه في ناحية سقوط التكليف عن المكلّف، و غاية تكليفه به صدور الفعل عنه أو انتهاء أمد التكليف بحصول غايته كما في الموقّتات.
و بتعبير آخر إنّ- في موارد الوجوب الكفائي- للوجوب المجعول في حق كل مكلّف غاية أخرى و هو صدور الفعل و لو من مكلف آخر، فيوجب مثلا تجهيز الميت ما دام لم يجهّز.