إن قلت: هبه في مثل ما إذا كان للأكثر وجود واحد، لم يكن للأقل في ضمنه وجود على حدة، كالخط الطويل الذي رسم دفعة بلا تخلّل سكون في البين، لكنه ممنوع فيما كان له في ضمنه وجود، كتسبيحة في ضمن تسبيحات ثلاث، أو خط طويل رسم مع تخلّل العدم في رسمه، فإن الأقل قد وجد بحده، و به يحصل الغرض على الفرض، و معه لا محالة يكون الزائد عليه مما لا دخل له في حصوله، فيكون زائدا على الواجب، لا من أجزائه.
قلت: لا يكاد يختلف الحال بذاك، فإنه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على الأقل في ضمن الأكثر، و إنما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام، و معه كان مترتبا على الأكثر بالتمام.
بحيث يكون الواجب هو الجامع و يكون التخيير بينهما عقليا، فالظاهر أنّه من فرض الممتنع عنده، حيث إنّ دخالة خصوصية كل واحد تمنع عن استناد ذلك الغرض إلى الجامع و مقتضى استناد الغرض إلى الجامع عدم دخالة خصوصيّة كل منهما مع اختلافهما في الخصوصية، و بتعبير آخر: مقتضى قانون السنخيّة بين المعلول و علّته أن لا تكون لخصوصية كل منهما دخل في حصول ذلك الغرض و لكن فرض (قدّس سرّه) أنّ كلا منهما بحدّه دخيل فيه.
و مع الإغماض عن ذلك فما ذكر لا يكون من التخيير بين الأقل و الأكثر بل من قبيل التخيير بين المتباينين فإنّ الشيء المأخوذ بشرط خصوصيّته و حدّه يباين الشيء الآخر المأخوذ بخصوصيته و حدّه غاية الأمر يكون تباينهما بالاعتبار لا بالذات و لذا لا يحمل الشيء المأخوذ بشرط لا بالإضافة إلى قيد، على الشيء المأخوذ بشرط ذلك القيد. و أمّا التخيير بين الأقل و الأكثر فيما إذا كان متعلّق الأمر، الأقلّ لا بشرط، بحيث يترتب عليه الغرض و كان ذلك الشيء بشرط ذلك القيد أيضا