هذا في غير المعرفة و التعلم من المقدمات، و أمّا المعرفة، فلا يبعد القول بوجوبها، حتّى في الواجب المشروط- بالمعنى المختار [1]- قبل حصول و مع ذلك لا يجب تحصيله كسائر مقدّمات ذلك المتعلّق، و أخذه طورا لا يكاد يسري إليه الوجوب، لا يعقل إلّا بفرض وجود الشرط في ناحية الموضوع لذلك الوجوب، و ممّا يترتب على ما ذكرنا بطلان القول باعتبار الاستصحاب التعليقي، حيث إنّ المستصحب في موارد الاستصحاب هو الحكم في مقام الثبوت، و الحكم في مقام الثبوت له مرتبتان: مرتبة الجعل و مرتبة الفعلية، و ليس شيء منهما ممّا يتمّ فيه أركان الاستصحاب على ما سيأتي توضيحه في محلّه إن شاء اللّه تعالى.
[1] المراد معرفة الواجب من حيث أجزائه و شرائطه ممّا يعتبر فيه من ترتيب الأجزاء و غيره كحدود الصلاة و الحج و الصوم و غيرها، و لا ينبغي التأمّل في لزوم معرفة الواجب فيما إذا كان وجوبه فعليّا سواء كان ظرف الإتيان به أيضا فعليّا أو كان ظرفه أمرا استقباليا، كما في الواجبات المشروطة على مسلك الشيخ (قدّس سرّه).
و لكن ربّما يناقش في وجوب تعلّم الواجب قبل حصول شرط وجوبه و فعلية وجوبه كما في الواجبات المشروطة و المؤقتة على مسلك المشهور فيما إذا علم المكلّف أو احتمل حصول شرطها فيما بعد، و أنّه إذا لم يتعلّمها قبل فعلية وجوبها لم يتمكّن بعد فعلية الشرط أو دخول الوقت من الإتيان بذلك الواجب بتمام أجزائه و شرائطه للغفلة أو العجز.
و وجه المناقشة أنّه قبل حصول الشرط أو دخول الوقت لا يكون الوجوب في ذلك الواجب فعليّا ليجب عليه المعرفة كسائر مقدّمات الواجب، و كما أنّ سائر مقدّمات الواجب لا يكون وجوبها فعليا قبل فعلية وجوب ذيها- كما تقدّم- فكيف تجب معرفته قبل وجوبه؟