بخلاف ما إذا كان المأمور به مع ضدّه الخاص ممّا لهما ثالث، فإنّ عنوان أحد الأضداد الجامع بين الأضداد الخاصة للمأمور به عنوان انتزاعي يشير إلى وجودات الأضداد التي هي منشأ انتزاعه و لا جامع متأصل بينها ليمكن تعلّق النهي به و لا يتعلق النهي بكل واحد من الأضداد حيث إنّ ملاك تعلّق النهي بالضد هو كون وجوده ملازما لترك المأمور به و تركه ملازما لوجوده و هذا الملاك غير حاصل فيما كان لهما ثالث لإمكان تركهما إلى ذلك الثالث.
ثمّ أردف (قدّس سرّه) هذا الكلام بقوله: إنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام- أي النقيض للمأمور به- باللزوم البيّن بمعناه الأخص و كذا فيما كان التقابل بين المأمور به و ضدّه من تقابل العدم و الملكة كما في التكلّم فانّ الامر به نهي عن السكوت باللزوم البين بمعناه الأخصّ بناء على أنّ السكوت عدم التكلم ممّن هو قابل للتكلّم فانّ مجرّد اعتبار القابليّة للوجود في مورد العدم لا يوجب افتراقه عن الضدّ العامّ.
و الحاصل أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص باللزوم البيّن بالمعنى الأعم فيما لم يكن لهما ثالث و لا يقتضيه فيما كان لهما ثالث كما أنّه يقتضي النهي عن ضده العام أو ما يكون التقابل بينه و بين المأمور به بالعدم و الملكة باللزوم البيّن بمعناه الأخص [1].
أقول: يرد عليه أوّلا، أنّه لو كان الامر بالحركة مقتضيا للنهي عن السكون باللزوم البيّن بمعناه الأعمّ بمعنى حكم العقل بأنّ الآمر بالحركة لا يرضى بالسكون فيما إذا
[1] أجود التقريرات: 1/ 252، و 2/ 8، ط مؤسسة صاحب الأمر (عج).