متعلقي الإيجاب و التحريم مناط حكمه مطلقا، حتى في مورد التصادق و الاجتماع؛ كي يحكم على الجواز بكونه فعلا محكوما بالحكمين. و على الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين، أو بحكم آخر غير الحكمين؛ فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى، كما يأتي تفصيله.
و أما إذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك (1) فلا يكون من هذا الباب، و لا يكون مورد الاجتماع محكوما إلّا بحكم واحد منهما (2)؛ إذا كان له مناطه، أو حكم (3) آخر غيرهما؛ فيما لم يكن لواحد منهما؛ قيل بالجوار (4) أو الامتناع (5)، هذا بحسب مقام الثبوت.
و المتحصل: أن المجمع إن كان واجدا لكلا الملاكين فهو: من باب الاجتماع، فعلى الجواز يكون محكوما بكلا الحكمين، و لا يكون من باب التزاحم، و على الامتناع يكون من باب التزاحم بين المقتضيين. و أما إذا كان أحد المناطين موجودا فيه دون الآخر: فهو محكوم بحكمه بالخصوص دون غيره؛ كما إذا لم يكن فيه شيء من المناطين، فهو محكوم بحكم آخر غير الحكمين؛ من غير فرق بين الصورتين الأخيرتين بين الجواز و الامتناع أصلا. هذا كله بحسب مقام الثبوت و الواقع.
(1) أي: مطلقا حتى في مورد الاجتماع- بأن كان الملاك قاصرا- إنما يشمل مورد الافتراق فقط، فلا يكون المجمع من هذا الباب أعني: باب التزاحم، و بالتالي لم يكن من باب اجتماع الأمر و النهي.
(2) أي: من الحكمين المجعولين للطبيعتين المتعلقتين للأمر و النهي؛ «إذا كان له مناطه»؛ يعني: إذا كان لأحد الحكمين مناطه.
(3) معطوف على «حكم» أي: حكم آخر غير الوجوب و الحرمة؛ في مورد لم يكن لواحد- اي: شيء من الوجوب و الحرمة- ملاك. و على هذا: فقد ذكر المصنف «(قدس سره)» لعدم اشتمال المتعلقين معا على المناط صورتين:
إحداهما: اشتمال أحدهما على المناط، و قد أشار إليه بقوله: «إذا كان له مناطه».
ثانيهما: عدم اشتمال شيء منهما على المناط، و قد أشار إليه بقوله: «أو حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما».
(4) لأن القول بالجواز مبني على وجود المقتضى لكل من الحكمين، فمع عدمه في أحدهما أو كليهما لا مجال للنزاع.
(5) إذا الامتناع مبني على عدم إمكان الجمع بين ما يقتضيه الملاكان الموجودان في المتعلقين، ففي فرض عدم الملاكين لا مجال أيضا للامتناع كما في «منتهى الدراية، ج 3، ص 42».