اختلفوا (1) في جواز اجتماع الأمر و النهي في واحد و امتناعه على أقوال ثالثها:
جوازه عقلا و امتناعه عرفا، و قبل الخوض في المقصود يقدم أمور:
[فصل] في اجتماع الأمر و النهي
(1)
[و قبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو محل النزاع في مسألة اجتماع الأمر و النهي]
و قبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو محل النزاع في مسألة اجتماع الأمر و النهي فنقول: إنه لا نزاع في امتناع الأمر و النهي في واحد بعنوان واحد مثل: «صلّ و لا تصلّ» و ذلك لما عرفت من: أنّ مفاد الأمر هو: البعث نحو وجود الطبيعة المحبوبة، و مفاد النهي هو: الزجر عن وجود الطبيعة المبغوضة.
و من الواضح عند العقل و العقلاء: أنه يمتنع أن يصدر عن المولى الواحد بالنسبة إلى المكلف الواحد بعث و زجر حال كونهما متعلقين بطبيعة واحدة في زمان واحد، و ليس هذا من التكليف بالمحال الذي يجوّزه الاشعري؛ بل من التكليف المحال.
و إنما النزاع في جواز اجتماعهما في واحد إذا كان ذا وجهين، و معنونا بعنوانين بأحدهما تعلق الأمر، و بالآخر تعلق النهي؛ كما في الصلاة في المغصوب فيما إذا خاطب الشارع المكلف بقوله: «صلّ، و لا تغصب»، فالمأمور به غير المنهي عنه، و الماهيتان مختلفتان؛ غير إن المكلف بسوء اختياره جمعهما في مورد واحد؛ على وجه يكون المورد مصداقا لعنوانين، و مجمعا لهما. فيقع الكلام في جواز مثل هذا الاجتماع؛ كما إذا صلى في الدار المغصوبة، فيبحث عن جواز اجتماع الأمر و النهي في هذه الحالة.
فعلى القول بالجواز: يكون العمل محكوما بحكمين؛ لتعدد المجمع، و كونه موجودا بوجودين، و التركيب بين متعلقي الأمر و النهي يكون انضماميا، و تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون.
و على القول بالامتناع: يكون المجمع محكوما بحكم واحد، و هو أهم الحكمين من الوجوب أو الحرمة؛ لاتحاد المجمع، و كونه موجودا بوجود واحد، و التركيب بينهما يكون اتحاديا، و تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون.
و قد يبدو مما ذكر: أن مقتضى التحقيق أن يكون النزاع في المسألة صغرويا و هو أصل