لا يخفى: أنه و إن كان الزمان مما لا بد منه عقلا في الواجب، إلّا إنه تارة:
مما له دخل فيه شرعا فيكون مؤقتا (1)، و أخرى: لا دخل له فيه أصلا فهو غير مؤقت. و المؤقت: إما أن يكون الزمان المأخوذ فيه بقدرة فمضيّق، و إما أن يكون أوسع منه فموسع. و لا يذهب عليك: أن الموسع كلي، كما كان له أفراد دفعية كان له أفراد تدريجية (2) يكون التخيير بينها كالتخيير بين أفرادها
[فصل] في الواجب المؤقت
(1) و قبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو محل الكلام في المقام. فنقول: إنه قد قسموا الواجب- باعتبار تحديده بزمان خاص، و عدم تحديده به- إلى مؤقت و غير مؤقت. أعني: المطلق.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي أن الواجب باعتبار كونه فعلا صادرا عن المكلف يكون زمانيا، فيحتاج إلى زمان يقع فيه.
ثم الزمان تارة: يكون مما جعله الشارع دخيلا و قيدا في الواجب كالزمان الذي أخذ في لسان الدليل للصلوات اليومية، فهذا يسمى بالموقت، و هو على قسمين: موسع، و مضيق، لأن الزمان المأخوذ قيدا إن كان بقدر ما يحتاج إليه الفعل عقلا من غير زيادة و نقصان؛ بحيث يكون الزمان كاللباس المخيط على قدر قامة الفعل فهو مضيق؛ كقوله:
«صم من الفجر إلى المغرب»، و إن كان الزمان أوسع منه- كالزمان في الصلوات اليومية- فهو موسع. كقوله تعالى: أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق الليل سورة الإسراء، الآية 78. و أخرى لم يؤخذ الزمان قيدا للواجب شرعا، كصلاة الزلزلة مثلا، فيسمى بالمطلق و غير موقت.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن محل الكلام في المقام هو الواجب الموقت.
(2) هذا الكلام من المصنف دفع لتوهم كون التخيير بين أفراد الواجب الموسع شرعيا فلا بد أوّلا من تقريب التوهم. و ثانيا: من توضيح دفعه، و المتوهم- على ما قيل- هو العلامة «(قدس سره)».