قلت: (1) لا يكاد يختلف الحال بذلك فإنه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على الأقل في ضمن الأكثر، و إنما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام، و معه كان مترتبا على الأكثر بالتمام.
و بالجملة: إذا كان كل واحد من الأقل و الأكثر بحدّه (2) مما يترتب عليه الغرض، فلا محالة يكون الواجب هو الجامع بينهما، و كان التخيير بينهما عقليا إن كان هناك غرض واحد، و تخييرا شرعيا فيما كان هناك غرضان، على ما عرفت (3).
نعم؛ (4) لو كان الغرض مترتبا على الأقل من دون دخل للزائد، لما كان الأكثر
(1) هذا دفع للإشكال: و حاصل ما أفاده المصنف في دفع الإشكال: أنه لا فرق بين القسم الأول و القسم الثاني؛ لأن مجرد دفعية الوجود و تدريجيته ليس مناطا في اتصاف الأكثر بالوجوب و عدمه، حتى يقال: إن الأكثر لا يتصف بالوجوب إلّا إذا لم يكن للأقل وجود مستقل، كتسبيحة في ضمن التسبيحات. بل المناط في ذلك هو: اشتراط محصلية شيء للغرض بوجود أمر- كالأكثر- أو بعدمه- كالأقل- فإن كان مشروطا بالانضمام فهو الأكثر و إن وجد تدريجا، و إن كان مشروطا بعدمه، فهو الأقل كذلك.
هذا ما أشار إليه بقوله: «لا يكاد يختلف الحال بذلك» يعني: بحسب تدريجية الوجود و دفعيته.
قوله: «فإنه مع الفرض» تقريب لعدم اختلاف الحال بالدفعيّة و التدريجية و المراد بالفرض: ما سبق من أن الغرض قد يحصل بشرط لا و قد يحصل بشرط شيء، و الأقل من قبيل بشرط لا بأن كانت خصوصية الوجود دخيلة في الغرض، فلا يكاد يترتب الغرض على الأقل إذا كان في ضمن الأكثر، بل يترتب الغرض على الأكثر حينئذ، و إنما يترتب الغرض عليه أي: على الأقل «بشرط عدم الانضمام» أي: عدم الانضمام الزائد إليه و معه، أي: مع انضمام الزائد كان الغرض مترتبا على الأكثر بالتمام يعني: بجميع أجزائه، ليكون الواجب المحصل للغرض هو الأكثر لا الأقل المندرج فيه.
(2) يعني: حدّ الأقل هو وجوده مجرّدا عن الانضمام، و حدّ الأكثر خلافه.
(3) من الأمر بأحد شيئين أو أشياء إن كان بملاك واحد، فالتخيير بينهما أو بينها عقلي، و إن كان بملاكين أو ملاكات فالتخيير بينهما أو بينها شرعي.
(4) استدراك من التخيير بين الأقل و الأكثر، و حاصله: أنه لا مجال للتخيير بينهما فيما إذا كان الغرض مترتبا على الأقل مطلقا؛ من غير فرق بين انضمام الأكثر إليه و عدمه، لوضوح: سقوط الأمر بحصول الغرض القائم بالأقل، فهو الواجب تعيينا.