الضد، لو كان مجتمعا مع وجود المقتضي، و إن كانت صادقة، إلّا إن صدقها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك (1)، لعدم اقتضاء صدق الشرطية صدق طرفيها،
وجود كل منهما متوقفا على عدم الآخر- لكون وجود كل منهما مانعا عن وجود الآخر- و عدم كلّ منهما متوقفا على وجود الآخر حتى يلزم تقدم الشيء على نفسه و تأخره على نفسه و هو ملاك الدور.
و حاصل الإشكال: إن وجود أحد الضدين- و إن كان متوقفا على عدم الآخر- إلّا إن عدم أحدهما لا يتوقف على مانعية الآخر و وجوده؛ إلّا بعد أن يكون المقتضي للضد المعدوم موجودا، و المقتضي لا يكون موجودا؛ بل هو محال.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن المراد بالمقتضي هو: الإرادة، و يستحيل تعلق إرادتين من شخص واحد بالضدين.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنه من المستحيل تعلق الإرادة بإيجاد الصلاة؛ كي يكون المقتضي لها موجودا، و كان عدمها مستندا إلى المانع و هو الإزالة، لأن المفروض:
تعلقها بإيجاد الضد الموجود أعني: الإزالة، ثم المعلق على المحال محال، فصلاحية وجود الضد لكونه مانعا عن الضد المعدوم محال، فينحصر التوقف في طرف واحد و هو مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الآخر، و لا توقف في طرف مقدمية وجود أحد الضدين لعدم الآخر، لكونه مشروطا بوجود المقتضي المحال، كما عرفت فارتفع محذور الدور، و لا دور و لا غائلته.
(1) أي: صدق القضية في نفسها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك أي: لأن يستند إليه عدم الضد الآخر؛ و ذلك «لعدم اقتضاء صدق الشرطية صدق طرفيها»؛ لأن مناط صدق القضية الشرطية هو: ثبوت الملازمة و العلقة بين المقدم و التالي واقعا و إن كان طرفاها كاذبين؛ كأن يقال للحجر: «إن كان هذا إنسانا كان ناطقا»، بل قد يكون طرفاها مستحيلين، كقوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلّا اللّه لفسدتا. الأنبياء، الآية:
22.
ثم القضية الشرطية المتصورة في المقام هي: «لو وجد المقتضي و الشرط لوجود الضد المعدوم فعلا، كان الضد الموجود مانعا عنه»، و هذه القضية الشرطية- و إن كانت صادقة في نفسها- إلّا إن صدقها لا يستلزم صدق طرفيها، بل هي صادقة و إن كان طرفاها كاذبين، كما عرفت. فصدق الشرطية فيما نحن فيه لا يستلزم صلاحية عدم الضد المعدوم مستندا إلى الضد الموجود و كونه مانعا، كي يكون التوقف من الطرفين، فيقال بلزوم الدور أو بقاء غائلته، هذا تمام الكلام في الإشكال على الدور و ملاكه.