بخلاف التوقف من طرف العدم فإنه يتوقف على فرض ثبوت المقتضي له مع شراشر شرائطه غير عدم وجود ضده، و لعله كان محالا، لأجل انتهاء عدم وجود أحد الضدين مع وجود الآخر إلى عدم تعلق الإرادة الأزلية به، و تعلقها بالآخر حسب ما اقتضته الحكمة البالغة، فيكون العدم دائما مستندا إلى عدم المقتضي، فلا يكاد يكون مستندا إلى وجود المانع، كي يلزم الدور.
إن قلت: هذا (1) إذا لوحظا منتهيين إلى إرادة شخص واحد، و أما إذا كان كل
إرادة الله به، فلا يكون عدم الصلاة «مستندا إلى وجود المانع» كالإزالة «كي يلزم الدور»؛ كما في «الوصول إلى كفاية الأصول ج 2، ص 218» مع تصرف ما.
(1) أي: ما ذكر في دفع الدور من التغاير بالشأنية و الفعلية؛ لا يصح في جميع الموارد، بل التغاير المذكور إنما يصح في بعض الموارد.
و الغرض من هذا الكلام: هو دفع إشكال أورده المحقق الخوانساري على التفصي عن الدور بالفعلية و الشأنية، ثم أجاب عنه، فلا بد أولا: من توضيح الإشكال، و ثانيا: من الجواب عنه.
و حاصل الإشكال:- على ما في «منتهى الدراية ج 2، ص 435»-: أن حديث الفعلية و الشأنية الذي اندفع به محذور الدور إنما يصح إذا كانت الإرادة من شخص واحد، كما إذا أراد إيجاد البياض و السواد في آن واحد و مكان، كذلك فإنه يمتنع إرادة إيجادهما من شخص واحد؛ لامتناع تعلق إرادة واحدة بشيئين متضادين، فلا محالة يستند عدم الضد الآخر إلى عدم المقتضي- و هو الإرادة- لا إلى وجود المانع، فيكون توقف عدم أحدهما على وجود الآخر شأنيا.
و أما إذا كانت إرادة إيجادهما من شخصين؛ بأن أراد أحدهما البياض، و الآخر السواد فالمقتضي لوجود كلّ من الضدين حينئذ موجود، فلا محالة يستند عدم أحدهما إلى وجود المانع- و هو الضد الآخر- لا إلى عدم المقتضي و هو الإرادة، إذ المفروض:
تحققها من شخص آخر.
فالتفصي بالوجه المذكور غير مطرد لاختصاصه بما إذا كانت إرادة الضدين من شخص واحد.
و أما إذا كانت من شخصين، فيكون عدم أحد الضدين مستندا إلى وجود المانع- و هو الضد الآخر- لا إلى عدم المقتضي؛ إذ المفروض: وجوده- أعني: إرادة إيجاد الضد الآخر أيضا من شخص آخر- فيكون التوقف من الطرفين فعليا، فالدور و لو في بعض