ففيه (1): إن مفاد الهيئة- كما مرت الإشارة إليه- ليس الأفراد؛ بل هو مفهوم الطلب كما عرفت تحقيقه في وضع الحروف، و لا يكاد يكون فرد الطلب الحقيقي- و الذي يكون بالحمل الشائع طلبا- و إلّا لما صح إنشاؤه بها، ضرورة (2): أنه من
فالمتحصل من جميع ما ذكرناه هو: أن مفاد الهيئة غير قابل للإطلاق و التقييد لكونه جزئيا حقيقيا، فلا مجال للتمسك بالإطلاق.
(1) قوله: «ففيه» جواب عن قوله: «و أما ما قيل».
و حاصل الجواب: أولا: أن مفاد الحروف عند المصنف كلي، فيكون مفاد الهيئة كليا.
و ثانيا: على فرض تسليم الجزئية في سائر الحروف فلا بد أن يكون مفاد الهيئة كليا؛ لأن المنشأ بالصيغة هو مفهوم الطلب الذي يحمل عليه الطلب بالحمل الذاتي و يقال:
الطلب- المستفاد من صيغة الأمر- طلب؛ لأنه القابل للإنشاء لا فرد من الطلب الحقيقي الذي يحمل عليه الطلب بالحمل الشائع، و يقال: هذا طلب فإنه وصف خارجي لا يوجد بالإنشاء؛ بل يوجد بأسبابه الخاصة كالشجاعة و العلم و نحوهما.
فالمتحصل: أن المنشأ هو مفهوم الطلب الجامع بين النفسي و الغيري، و لكن مقتضى الإطلاق كونه نفسيا.
و كيف كان؛ فلمّا كان إشكال الشيخ «(قدس سره)» على التمسك بإطلاق الهيئة مؤلفا من مقدمتين:
إحداهما: كون المعنى الحرفي الذي يكون منه مدلول الهيئة جزئيا خارجيا غير قابل للإطلاق و التقييد.
و الأخرى: كون اتصاف الفعل بالمطلوبية لأجل تعلق مصداق الطلب و فرده الخارجي القائم بنفس الطالب به؛ لا لأجل تعلق مفهوم الطلب به، فقد أشار المصنف إلى ردّ كلتا المقدمتين.
أما الأولى: فقد أشار إليها بقوله: «ليس الأفراد ...» إلخ أي: أن مفاد الهيئة ليس جزئيا خارجيا و هو الطلب القائم بالنفس؛ بل مفادها مفهوم الطلب كما تقدم في بحث المعاني الحرفية.
و أما الثانية: فقد أشار إليها بقوله: «و اتصاف الفعل بالمطلوبية ...» إلخ، و سيأتي توضيحه في كلام المصنف فانتظر.
(2) قوله: «ضرورة» تعليل لقوله: «و إلّا لما صح إنشاؤه بها» أي: و إن لم يكن مفاد الهيئة مفهوم الطلب بأن كان فرده لما صح إنشاء الطلب بالهيئة؛ لأن الطلب الخارجي