الأول: (2) لا ينبغي توهم الإجزاء في القطع بالأمر في صورة الخطأ، فإنه لا يكون موافقة للأمر فيها، و بقي الأمر بلا موافقة أصلا و هو أوضح من أن يخفى، نعم (3) ربما يكون ما قطع بكونه مأمورا به مشتملا على المصلحة في هذا الحال (4)، أو على مقدار
(1) التذنيب: جعل الشيء ذنابة للشيء، و عن الصحاح «الذناب بالكسر عقيب كلّ شيء».
[دفع توهم الإجزاء في الأمر التخيلي]
(2) التذنيب الأول: في الأمر التخيّلي. و الغرض من عقد هذا التذنيب هو دفع توهم الإجزاء في الأمر التخيّلي، و التلازم في الإجزاء بين الأوامر الظاهرية الشرعية الثابتة بالأمارات و الأصول، و بين الأمر الظاهري العقلي الثابت بالقطع؛ بمعنى: أن المكلف تخيل بوجود الأمر و ليس في الواقع أمر أصلا.
و حاصل الدفع: إن الإجزاء في الأوامر الظاهرية الشرعية- على القول به- لا يلازم الإجزاء في الأمر الظاهري العقلي مع انكشاف الخلاف، ضرورة: أن منشأ توهم الإجزاء هو: ثبوت الأمر الظاهري الشرعي، و ذلك مفقود في موارد القطع؛ إذ ليس فيها إلا العذر العقلي في ترك الواقع ما دام قاطعا، و بعد ارتفاع القطع يرتفع العذر، فتجب الإعادة أو القضاء و ذلك لعدم إتيان المكلف بنفس المأمور به الواقعي، و لا بما جعله الشارع بمنزلته، فلا وجه للاجزاء. كما أشار إليه بقوله: «لا ينبغي توهم الإجزاء في القطع ..» إلخ إذا لم يكن هناك حكم متقرر له ثبوت، و إنما تخيل ثبوته فهو أجنبي عن بحث الإجزاء؛ إذ لا حكم كي يبحث عن إجزائه و عدمه، فلا إشكال في عدم الإجزاء فيما إذا قطع بحكم ثم انكشف خلافه؛ إذ القطع لا يوجب الأمر لا واقعا و لا ظاهرا، فلا يكون في البين إلا تخيل لثبوت الحكم، فلا وجه لإجزاء المأتي به مع عدم كونه الواقع.
(3) أي: قوله: «نعم ربما يكون ...» إلخ استدراك من عدم الإجزاء المستفاد من قوله:
«لا ينبغي توهم الإجزاء». و حاصله: أنه قد يكون ما قطع بكونه مأمورا به مجزيا عن المأمور به الواقعي، و هو ما إذا كان ما أتى به مشتملا على تمام مصلحة الواقع أو معظمها مع امتناع استيفاء الباقي من مصلحة الواقع، فلا يجب الإتيان بالواقع حينئذ لا إعادة و لا قضاء؛ لسقوط الأمر الواقعي بحصول غرضه كلا أو جلا.
(4) أي: في حال القطع لا مطلقا؛ إذ لو كان مشتملا على المصلحة مطلقا و في كل حال لزم أن يكون عدلا للواجب الواقعي، و أحد فرديه، و أن يخرج عن موضوع البحث و هو إجزاء غير الواقع عن الواقع؛ إذ المفروض حينئذ: كون المأتي به أحد فرديه الواجب الواقعي.