حمله عليه لكثرة استعماله في الوجوب أيضا، مع إن الاستعمال و إن كثر فيه (1) إلّا إنه كان مع القرينة المصحوبة، و كثرة الاستعمال كذلك في المعنى المجازي لا توجب صيرورته مشهورا فيه؛ ليرجح أو يتوقف على الخلاف في المجاز المشهور (2)،
ثبوت شيء من المهجورية و قلة الاستعمال، و ذلك لكثرة الاستعمال في المعنى الحقيقي المانعة عن النقل إلى الندب، و عن الحمل عليه؛ من باب ترجيح المجاز المشهور على المعنى الحقيقي.
الوجه الثاني: ما أشار إليه بقوله: «مع إن الاستعمال و إن كثر فيه ...» إلخ.
و حاصله: أن كثرة الاستعمال لا توجب النقل إلى معنى و لا الحمل عليه من باب تقديم المجاز المشهور على الحقيقة؛ إلّا إذا كان الاستعمال فيه بدون القرينة و ليس المقام كذلك؛ لأن الاستعمال في الندب كان مع القرينة، فليس استعمال اللفظ في الندب من باب النقل، و لا من المجاز المشهور حتى يرجح على الحقيقة فيقدم عليها، أو يتوقف على خلاف.
الوجه الثالث: ما أشار إليه بقوله: «كيف؟ و قد كثر استعمال العام في الخاص ...» إلخ، و حاصله: هو النقض بصيغ العموم كالجمع المعرف باللام، و لفظة كل و جميع و غيرها. توضيحه: أن صيغ العموم تخصص كثيرا بالمخصص المنفصل حتى قيل: «ما من عام إلّا و قد خص»، و مع ذلك لم ينثلم ظهورها في العموم، و لذا تحمل عليه مع الشك في التخصيص، إلّا إذا نهضت قرينة على إرادة الخصوص.
و بالجملة: مجرد كثرة الاستعمال في المعنى المجازي لا يمنع عن الحمل على المعنى الحقيقي، إذ لو كان مانعا عنه لكانت كثرة استعمال صيغة العموم في الخصوص مانعة أيضا عن حملها على العموم عند التجرد عن القرينة، و من المسلم: عدم المنع هناك فكذا هنا.
و الحاصل: أن وزان صيغة الأمر من ناحية استعمالها في الندب وزان صيغة العموم من جهة استعمالها في الخصوص.
(1) أي: مع إن استعمال الأمر و إن كثر في الندب؛ إلّا إن ذلك الاستعمال كان مع القرينة لا بدونها، و من المعلوم: أن كثرة الاستعمال مع القرينة في المعنى المجازي لا توجب صيرورته مشهورا في المعنى المجازي؛ ليرجح المعنى المجازي المشهوري على المعنى الحقيقي، أو يتوقف حتى تقوم القرينة على المراد.
(2) أي: قيل: بترجيح المعنى المجازي المشهوري على المعنى الحقيقي. و قيل: يتوقف حتى تنهض قرينة على المراد.