و كذا (1) الحال في سائر الصيغ الإنشائية، و الجمل الخبرية، فإنه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس من الترجي و التمني و العلم إلى غير ذلك؛ صفة أخرى كانت قائمة بالنفس، و قد دل اللفظ عليها، كما قيل:
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما* * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
(1) أي: الحال في سائر الصيغ الإنشائية و الجمل الخبرية؛ كالحال في الجمل الإنشائية الطلبية؛ حيث ليس هناك صفة أخرى قائمة بالنفس حتى تسمى بالكلام النفسي، و يسمى ذلك الكلام النفسي طلبا حقيقيا في خصوص الأوامر، و كان ذلك الطلب الحقيقي منشأ للطلب الإنشائي، و ذلك الكلام النفسي منشأ للكلام اللفظي كما قيل:
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما* * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
أي: ليس الأمر كذلك توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن المتكلم إذا تكلم بكلام إنشائي أو إخباري؛ فليس هناك إلّا الإرادة القائمة بالنفس، و مضمون ذلك الكلام مثلا: أنّنا لا نجد في الجمل الإنشائية صفة نفسانية غير إنشاء التمني و الترجي، و الطلب و الدعاء، و الملكية، و الزوجية، و الحرية و نحوها مما يقبل الإنشاء.
و لا نجد في الجمل الخبرية ما عدا وقوع النسبة أو لا وقوعها شيئا آخر يسمى ذلك الشيء بالكلام النفسي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنه لا محيص عن اتحاد الطلب و الإرادة؛ إذ عرفت: أنه ليس هناك سوى الإرادة؛ و العلم بمضمون الكلام صفة قائمة بنفس المتكلم حتى تسمى بالكلام النفسي.
فالمتحصل مما ذكرناه: أنّنا لا نجد بعد الفحص عما في النفس من الصفات صفة زائدة على الإرادة تسمى بالطلب في صيغ الأمر، ليكون ذلك هو الكلام النفسي، و كذلك في سائر الجمل الإنشائية و الجمل الخبرية؛ ففي جميع الجمل الإنشائية الطلبية و غيرها، و كذا الجمل الخبرية لا توجد صفة زائدة على مضامينها تسمى بالكلام النفسي؛ كما هو مفاد ما قيل من:
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما* * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فإن مقتضى هذا البيت هو: كون الكلام في الفؤاد، و إنما اللفظ جعل دليلا عليه و حاكيا عنه، ففي النفس صفة تسمى بالكلام النفسي.