و بالجملة: (1) لا ينثلم بالانحلال إلى الاثنينية- بالتعمل العقلي- وحدة المعنى و بساطة المفهوم كما لا يخفى، و إلى ذلك (2) يرجع الإجمال و التفصيل الفارقان بين المحدود و الحد، مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا، فالعقل بالتعمل يحلل النوع، و يفصّله إلى جنس و فصل، بعد ما كان (3) أمرا واحدا إدراكا، و شيئا فاردا تصورا، فالتحليل يوجب فتق (4) ما هو عليه من الجمع و الرتق.
(1) و بالجملة: أنه لا تنافي بين القول ببساطة المشتق إذا كان المراد بها وحدة المعنى تصورا، و بين القول بتركبه إذا كان المراد به تعدده بالتعمّل من العقل، فإن لفظ الإنسان مثلا وضع لمعنى واحد، لكن يحلله العقل إلى جنس و فصل.
(2) أي: البساطة التصورية و التركب التحليلي العقلي يرجع إلى الإجمال و التفصيل؛ الموجبان للفرق بين المحدود كالإنسان، و بين الحد كالحيوان الناطق في تعريف الإنسان؛ مع إن المحدود و الحد متحدان ذاتا، و الفارق بينهما ليس إلّا الإجمال و التفصيل؛ فإن المحدود واحد تصورا، و الحد يكون عينه لكنه بعد التحليل العقلي، فالتفصيل ملحوظ في الحد، و الإجمال ملحوظ في المحدود.
(3) أي: بعد ما كان النوع أمرا بسيطا مفهوما.
(4) أي: تفصيل المعنى الذي هو المحدود كان عليه من الجمع و الرتق ذهنا و تصورا.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «(قدس سره)»
يتلخص البحث في أمور تالية:
1- بيان ما استدل به المحقق الشريف على بساطة مفهوم المشتق و حاصله: أن المشتق لو لم يكن بسيطا و كان مركبا لزم أحد أمرين: أحدهما: دخول العرض العام في الفصل. و ثانيهما: انقلاب مادة الإمكان إلى الضرورة و التالي بكلا شقيه باطل؛ فالمقدم أعني: كون المشتق مركبا أيضا باطل. أما الملازمة: فلأن المأخوذ في مفهوم المشتق- على فرض تركبه- إما هو مفهوم الشيء أو مصداقه، فعلى الأول: يلزم دخول العرض العام في الفصل. و على الثاني: يلزم الانقلاب. و أما بطلان التالي فواضح.
2- جواب الفصول عن كلا شقي الإشكال:
أما عن الأول: فبأن الناطق إنما يكون فصلا في عرف المنطقيين، و محل الكلام هو مفهوم المشتق لغة، فحينئذ لا يلزم من اعتبار مفهوم الشيء في مفهوم المشتق لغة دخول العرض العام في الفصل، بل يلزم دخوله في مفهوم المشتق لغة و هو مما لا محذور فيه عقلا.