إن قلت: على هذا (1) يلزم أن يكون في الغالب أو الأغلب مجازا، و هذا (2) بعيد، ربما لا يلائمه حكمة الوضع.
لا يقال (3): كيف؟ و قد قيل: بأن أكثر المحاورات مجازات، فإن ذلك (4) لو سلم،
و حاصل ما أجاب به المصنف: إنه ليس ارتكاز المضادة بين الصفات المتقابلة من الإطلاق أي: من إطلاق لفظ المشتق، لأن الانسباق الإطلاقي مشروط بشرط و هو:
كثرة استعمال المشتق في خصوص حال التلبس؛ حتى تكون هذه الكثرة سببا لانصراف الإطلاق إليه، و المفروض: فقدان هذا الشرط في المقام؛ و ذلك لكثرة استعمال المشتق في موارد الانقضاء لو لم يكن بأكثر، و هذه الكثرة مانعة عن انصراف الإطلاق إلى خصوص حال التلبس، و على هذا: فلا بد أن يكون انسباق حال التلبس مستندا إلى حاق اللفظ، فيكون حينئذ أمارة على الوضع لخصوص المتلبس بالمبدإ.
(1) أي: على ما ذكرتم من كثرة استعمال المشتق أو أكثريته في موارد الانقضاء يلزم: أن يكون استعماله فيها مجازا في الغالب إذا كان استعماله فيها كثيرا أو في الأغلب إذا كان أكثرا، لأن المنقضي غير موضوع له إذ المفروض: كونه موضوعا لخصوص المتلبس بالمبدإ في الحال.
(2) أي: استعمال المشتق مجازا في الغالب أو الأغلب بعيد جدا.
أولا: أن المجاز خلاف الأصل. و ثانيا: أنه مما لا تلائمه حكمة الوضع التي هي عبارة عن إبراز المعاني بالألفاظ الموضوعة لها، فهذه الحكمة تقتضي وضع الألفاظ لتلك المعاني الكثيرة أعني: موارد انقضاء المبدأ فكونها فيها مجازات خلاف حكمة الوضع.
و بعبارة أخرى: أن مقتضى حكمة الوضع هو: الوضع للأعم من التلبس و الانقضاء، لا لخصوص المتلبس بالمبدإ الذي يكون قليلا و نادرا بالنسبة إلى المنقضي عنه المبدأ.
فالمتحصل: أن ما ذكره المصنف من كثرة استعمال المشتق في موارد الانقضاء بعيد جدا.
(3) قوله: «لا يقال»؛ إشكال من المستشكل، حيث أورد على نفسه- ما مفاده-: إنه لا وجه لاستبعاد مجازية المشتق في موارد الانقضاء في الغالب أو الأغلب بعد وضوح:
كون أكثر المحاورات مجازات، فالاستبعاد المزبور- الذي جعل غير ملائم لحكمة الوضع- لا يثبت وضع المشتق للأعم و لا يكون المجاز الكثير غير ملائم لحكمة الوضع، كما أشار إليه بقوله: «كيف؟ و قد قيل» أي: كيف يستبعد كثرة الاستعمال المجازي، و يحكم بأن الاستعمال المجازي الكثير غير ملائم لحكمة الوضع و قد قيل: إن أكثر المحاورات مجازات؟ فالمجاز الكثير لا يكون بعيدا، و لا يكون غير ملائم لحكمة الوضع.
(4) هذا الكلام منه إشارة إلى دفع الإشكال الذي ذكره بقوله: «لا يقال» و حاصله: