و أما ترجيح (1) الاشتراك المعنوي على الحقيقة و المجاز؛ إذا دار الأمر بينهما لأجل الغلبة، فممنوع؛ لمنع الغلبة أولا، و منع نهوض حجة على الترجيح بها ثانيا.
و أما الأصل العملي (2): فيختلف في الموارد، فأصالة البراءة في مثل: «أكرم كل
شرعي بواسطة أو وسائط لكان أصلا مثبتا، و هو لا يكون حجة إلّا على القول بالأصل المثبت.
(1) قوله: «و أما ترجيح الاشتراك المعنوي ...» إلخ دفع لما يتوهم: من أنه إذا دار أمر اللفظ بين كونه مشتركا معنويا بين معنيين أو أزيد، و بين كونه حقيقة و مجازا؛ بأن يكون حقيقة في أحدهما، و مجازا في الآخر؛ كان الترجيح مع الاشتراك المعنوي على الحقيقة و المجاز «لأجل الغلبة» أي: لأجل غلبة الاشتراك المعنوي، و لازم ذلك: ثبوت وضع المشتق للأعم.
و حاصل الدفع: أن التوهم المذكور يدفع أولا: بمنع الصغرى لعدم ثبوت الغلبة؛ إذ لم يثبت أكثرية المشترك المعنوي من الحقيقة و المجاز حتى يصار إليه بقاعدة: الظن يلحق الشيء بالأعم الأغلب.
و ثانيا: بمنع الكبرى؛ إذ لا دليل على الترجيح بالغلبة لو سلم ثبوتها؛ و ذلك لعدم الدليل على اعتبار الظن الحاصل من الغلبة حتى يرجح به القول بالاشتراك المعنوي، فإن الترجيح فرع الحجية، و الشك في الحجية يكفي في عدم الترجيح به.
(2) أي: و أما الأصل في المسألة الفرعية: فقد قال المصنف: بأنّه يختلف باختلاف الموارد؛ بمعنى: أنه قد تكون نتيجته في بعض الموارد تلائم و توافق الوضع للأخص- أعني: وضع المشتق للأخص- كما لو ورد: «أكرم كل عالم»، و كان زيد قد انقضى عنه العلم قبل الإيجاب؛ فإنه حيث يشك في صدق العالم عليه فعلا- للشك في الوضع- يشك في ثبوت الحكم له أيضا؛ فتجري أصالة البراءة عن وجوب إكرامه؛ للشك في التكليف، فتنفي ثبوت الحكم له.
و قد تكون نتيجته تلائم و توافق الوضع للأعم- كالمثال المزبور- بأن يكون زيد متلبسا بالعلم حال الإيجاب، لكنه انقضى عنه بعد ورود الوجوب حين العمل، فإنه حينئذ يشك في بقاء الحكم له، فيستصحب وجوب إكرامه.
و بعبارة أخرى: أنه لو كان الإيجاب قبل انقضاء المبدأ- يعني: حين الأمر كان زيد متلبسا بالعلم و قبل الإكرام، خرج من التلبس- فالاستصحاب يوجب الإكرام؛ و ذلك لأن زيدا كان داخلا في الأمر عند الإطلاق فتستصحب عالميته و يكرم، أو يستصحب وجوب إكرامه للعلم به سابقا، و الشك فيه لاحقا فتتم أركان الاستصحاب.