أكثر للفظ واحد؛ و إن أحاله (1) بعض، لإخلاله (2) بالتفهم المقصود من الوضع؛
الثاني: الاشتراك اللفظي و هو: مقابل الترادف؛ بمعنى: أن الترادف ما يكون لفظين لمعنى واحد؛ كالأسد و الليث للحيوان المفترس. و الاشتراك ما يكون معنيين للفظ واحد بأن يكون اللفظ موضوعا لكل معنى بوضع مستقلّ؛ مثل: لفظ جون للأبيض و الأسود مثلا.
و من هنا ظهر الفرق بين المشترك المعنوي و اللفظي، حيث يكون الوضع في الثاني متعددا دون الأول.
الثاني: أن الامكان على قسمين:
الأول: الإمكان الذاتي. و الثاني: الإمكان الوقوعي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن محل الكلام هو القسم الثاني من القسمين أي:
الاشتراك اللفظي و الامكان الوقوعي.
إذا عرفت محل الكلام فنقول: إنهم قد اختلفوا في المشترك اللفظي على أقوال:
فذهب بعض إلى استحالته وقوعا مطلقا، و بعض آخر: إلى استحالته في القرآن الكريم دون غيره. و ثالث: إلى وجوبه، و رابع: إلى إمكانه وقوعا. و هذا الأخير هو مختار المصنف «(قدس سره)».
ثم معنى الإمكان الوقوعي هو: ما لا يلزم من وقوعه محال، فوقوعه أقوى دليل عليه، و لهذا قال المصنف «(قدس سره)»: «الحق وقوع الاشتراك» و قد استدل عليه بوجوه:
الأول: النقل بمعنى: أنه قد نقل في اللغة الاشتراك في ألفاظ كثيرة كالعين للباكية و النابعة، و المولى للعبد و السيد، و جون للأبيض و الأسود، و القرء للطهر و الحيض، و غيرها من الألفاظ المشتركة بين المعنيين أو المعاني، و هذا النقل مما يوجب الاطمئنان، بل القطع على وقوع الاشتراك.
الثاني: التبادر بمعنى: أنه يتبادر كلّ من الطهر و الحيض مثلا من القرء إذا استعمل بدون قرينة معيّنة لأحدهما.
الثالث: عدم صحة السلب أي: عدم صحة سلب لفظ القرء عن الطهر و الحيض.
(1) أي: و إن قال باستحالة الاشتراك بعض. هذا هو القول الأول حسب ما ذكرناه من الترتيب.
(2) هذا تعليل و دليل على الاستحالة.
و توضيحه يتوقف على مقدمة و هي: أن الوضع تابع للحكمة، و هي: التفهيم و إبراز ما في الضمير من جانب المتكلم، و التفهّم من جانب السامع، فعند انتفاء تلك الحكمة يكون الوضع لغوا، فصدوره مستحيل عادة عن العاقل.