بالحسن، و يستحق الموجد له في النفس العقوبة، فيما نحن فيه، كما يستحق المثوبة في الانقياد، و الحاصل ان نفس العزم على المعصية قبيح و ان لم يترتب عليه المعصية، نعم لو انجر الى المعصية يكون اشد قبحا.
فان قلت: كيف يمكن ان تكون الارادة اختيارية، و المعتبر في اختيارية الشيء ان يكون مسبوقا بها، فلو التزمنا في الارادة كونها اختيارية لزم التسلسل.
قلت: انما يلزم التسلسل لو قلنا بانحصار سبب الارادة في الارادة، و لا نقول به، بل ندعى انها قد توجد بالجهة الموجودة في المتعلق اعنى المراد، و قد توجد بالجهة الموجودة في نفسها، فيكفي في تحققها احد الامرين، و ما كان من قبيل الاول لا يحتاج الى ارادة اخرى، و ما كان من قبيل الثاني حاله حال ساير الافعال التي يقصدها الفاعل بملاحظة الجهة الموجودة فيها، و لازم ما ذكرنا انه قد يقع التزاحم بين الجهة الموجودة في المتعلق و الموجودة في الارادة، فحينئذ ترجيح احدى الجهتين يستند الى ارادة اخرى، فلو فرضنا كون الفعل مشتملا على نفع ملائم لطبع الفاعل و كون ارادته مشتملة على ضرر يخالف طبعه فترجيح ارادة الفعل انما هو بعد ملاحظة مجموع الجهتين و الاقدام على الضرر المترتب على تلك الارادة، و لا نعنى بالفعل الاختيارى الا هذا.
و الدليل على ان الارادة قد تتحقق لمصلحة في نفسها هو الوجدان، لانا نرى امكان ان يقصد الانسان البقاء في المكان الخاص عشرة ايام بملاحظة ان صحة الصوم و الصلاة التامة تتوقف على القصد المذكور، مع العلم بعدم كون هذا الاثر مرتبا على نفس البقاء واقعا [1] و نظير ذلك غير عزيز فليتدبر في المقام،
[1] توضيح ذلك انا كما نقول في قبال الاشعري بان الوجدان شاهد بان حركة اليد مثلا تصدر باختيار منّا، و ليست كحركة المرتعش، كذلك نقول هاهنا بان الوجدان شاهد بان قصد بقاء العشرة متمشّ هنا في المثال، و ما نرى من عدم تمشي القصد نحو الفعل الغير المقدور كالطيران فلاجل «ان الارادة علة لايجاد متعلقها» و لهذا قاصد العشرة يبقيه نفس قصده في ذلك المكان ما لم يحصل قاسر، فلهذا لا بد لها من متعلق مقدور.-