نام کتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب نویسنده : ابن حجة الحموي جلد : 4 صفحه : 37
الصواعق، و الطمع في الأمطار، و لا ثالث لهذين القسمين. و من لطيف ما وقع في هذه الجملة من البلاغة تقديم «الخوف» على «الطمع» ، إذ كانت الصواعق لا يحصل فيها المطر في أوّل برقة، و لا يحصل إلاّ بعد تواتر البرقات [1] ، فإنّ تواترها لا يكاد يكذب [2] ، و لهذا كانت العرب تعدّ سبعين برقة ثمّ تنتجع، فلا تخطئ الغيث و الكلأ، و إلى هذا[المعنى] [3] أشار المتنبّي بقوله[من الوافر]:
و قد أرد المياه بغير هاد # سوى عدّي لها برق الغمام [4]
فلمّا [5] أن [6] كان الأمر المخوف من البرق يقع في أوّل برقة، أتى ذكر «الخوف» في الآية الكريمة أوّلا، و لمّا كان الأمر المطمع إنّما يقع من [7] البرق/بعد الأمر المخوف، أتى ذكر «الطمع» في الآية الكريمة ثانيا، ليكون الطمع ناسخا للخوف لمجيء الفرج بعد الشدّة؛ و منه قوله تعالى: اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللََّهَ قِيََاماً وَ قُعُوداً وَ عَلىََ جُنُوبِهِمْ[8] ، فاستوفت الآية الكريمة جميع الهيئات الممكنات؛ و منه قوله تعالى:
ثُمَّ أَوْرَثْنَا اَلْكِتََابَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنََا مِنْ عِبََادِنََا فَمِنْهُمْ ظََالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سََابِقٌ بِالْخَيْرََاتِ بِإِذْنِ اَللََّهِ[9] ، فاستوفت الآية الكريمة جميع الأقسام التي يمكن وجودها، فإنّ العالم جميعه لا يخلو من هذه الأقسام الثلاثة. و منه قوله تعالى: لَهُ مََا بَيْنَ أَيْدِينََا وَ مََا خَلْفَنََا وَ مََا بَيْنَ ذََلِكَ[10] ، فالآية الشريفة [11] جامعة لأقسام الزّمان الثلاثة، و لا رابع لها، و المراد الحال و الماضي و المستقبل، فـ «له» ما بين أيدينا» المراد به المستقبل [12] ، و «ما خلفنا» المراد به الماضي، و «ما بين ذلك» الحال.
و في الحديث النبويّ [13] قوله، (صلّى اللّه عليه و سلّم) : «ما لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت أو