نام کتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب نویسنده : ابن حجة الحموي جلد : 4 صفحه : 258
و قيل: إنّ هذا النوع لم يسمع له مثال قبل أبي العلاء و لا بعده، في سائر كتب البديع، لقلّة وقوعه و تعذّر اتّفاقه، و إنّما وقع للمتنبّي نادرا.
قلت: أنا تابع في [1] هذا النوع مذهب [2] علاّمة هذا العلم، و هو الشيخ زكيّ الدّين بن أبي الأصبع، تغمّده اللّه برحمته و رضوانه [3] ، فإنّه كشف[فيه] [4] عن وجه الإشكال، و أرشد من كان متعلّقا بحبال المحال، فإنّ القوم أضربوا عن النظر في [5] هذا النوع [6] ، و هو ظاهر، لأنّ الشيخ زكيّ الدّين [7] قال: إضرابهم عن النظر فيه [8] إمّا لحسن ظنّهم بالمعرّيّ و موضعه من الأدب و اعتقادهم فيه العصمة من الخطأ و السهو، و إمّا أن يكون مرّ عليهم ما مرّ عليه في هذا البيت، إذ ليس في البيت شيء أطاع الشاعر و لا شيء عصاه، و دليل ذلك قول المعرّيّ: إنّ المتنبّي أراد «مستيقظا» ليحصل بينها و بين [9] لفظة «راقد» طباقا [10] ، فعصته [11] لفظة «مستيقظ» لامتناعها من الدخول في هذا الوزن، و هذا محال، لأنّ [12] المتنبّي لو أراد أن يقول[من الطويل]:
لحصل له غرضه من الطباق، و لم يعصه الوزن، و إنّما المتنبّي قصد أن يكون في بيته طباق و جناس، فعدل عن لفظة «ساهر» إلى لفظة [15] «قادر» [16] لأنّ «القادر» ساهر و زيادة، و حصل بين «راقد» و «قادر» الطباق المعنويّ [17] و جناس عكس [18] ، لأنّ الطباق أنواع، منه المعنويّ، كما أنّ الجناس أنواع، منه العكس، و مذهب المتنبّي