و قد يورد على الاستدلال بهذا الاستقراء بأنّه لم يعلم من الموارد المستقرأة أنّ الحكم بالبقاء فيها من باب الاستصحاب و الاعتماد على وجود الشيء في الحال السابق، و لعلّه من باب قاعدة الاقتضاء المعروفة.
و يمكن دفعه: بأنّ هذا لا يقدح في المقصود من إثبات الحكم بالبقاء عند الشكّ في الرافع مطلقا إن شئت سمّه استصحابا و إن شئت سمّه قاعدة الاقتضاء، و لا يتفاوت الحال بعد تساويهما موردا و تصادقهما محلا.
لأنّ الاضمار من زرارة و المعلوم من حاله أنّه لا يسأل عمّن عدا الإمام (عليه السلام) و لا يعتمد على غيره (عليه السلام)، و لا بأس بأن نشير إلى بعض ما يتعلّق بفقه الخبر و إن لم يكن له مدخلية بجهة الاستدلال فنقول: قوله «الرجل ينام» [2] ليس على حقيقته ظاهرا، إذ لا يخفى على زرارة أنّ النوم موجب للوضوء و لم يقصد السؤال عن ناقضية النوم المعلوم التحقّق، فيحتمل أن يكون معناه أنّ الرجل يريد النوم كما في قوله تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا[3] فيسأل عن بعض الحالات التي تعرض عقيب إرادة النوم من مثل الخفقة و عدم الشعور بحركة ما في جنبه أنّه ناقض أم لا، أو يكون المعنى أنّ الرجل يشرف على النوم، أو المعنى أنّه يضطجع و يتمدّد أو يغلب عليه النوم، و كيف كان هذا الكلام تمهيد للسؤال عن بعض الحالات المتأخّرة عن هذه الحالة، و يحتمل بعيدا حمله على حقيقته و يكون المراد أنّ الرجل ينام حقيقة إلّا أنّ للنوم مراتب بعضها أضعف