ثم لا يخفى أنّ الاصول العملية بناء على كون اعتبارها من باب الظن بحكم الكتاب و السنّة في كونها أدلة مستقلة معاضدة لما وافقها من المتعارضين، و الوجه أنّ الاصول على هذا القول أدلة اجتهادية في عرض سائر الأدلة، لكنّ ذلك على ما اخترناه من أنّ وجه تقديم سائر الأدلة عليها أنّ سائر الأدلة أقوى منها، و أمّا على ما اختاره المصنف من أنّ دليليتها مشروطة بعدم وجود سائر الأدلة فلا يمكن أن تكون مرجحة لأنّها حين وجود المتعارضين ليست بحجة، نعم يمكن الترجيح بالظن الحاصل منها فيكون نظير الترجيح بالشهرة بناء على عدم حجيتها [1].
قوله: منها الأصل بناء على كون مضمونه حكم اللّه الظاهري[2].
فيه أقوال ثلاثة، قول بالترجيح بموافقته ينسب إلى أكثر الفقهاء القدماء على ما يظهر من بياناتهم و ترجيحاتهم في كتبهم الاستدلالية، و قول بالترجيح بمخالفته ينسب إلى أكثر الاصوليين حيث إنّ بناءهم على تقديم الناقل على المقرر في المسألة الآتية، و قول بعدم الترجيح به مطلقا موافقة و مخالفة و هو مختار المتن و هو الحق. و حكى بعض مشايخنا المعاصرين على ما حكي عنه قولا رابعا عن التنقيح و هو التفصيل بين الاصول اللفظية فيرجح بموافقتها و بين الاصول العملية فاستشكل فيها ثم اختار الترجيح بها أيضا، و اختار المعاصر المذكور بعد ذلك عدم الترجيح بالاصول مطلقا لفظية كانت أو عملية، و العجب أنه جعل قول التنقيح تفصيلا في المسألة مع أنّ ما حكاه عنه صريح في اختياره صحة
[1] أقول: الظاهر أنّ المصنف كما يقول بعدم حجية الأصل عند وجود الدليل كذلك يقول بعدم حصول الظن منه عند وجود الدليل، فهو ساقط في مقام الترجيح بالمرة فليتأمل.