و لعلّه أخذه منه بدعوى استفادة رجحان قول سببي التحليل منه استظهاراً و احتياطاً كالوضوء بعد الوضوء، لكنّه كما ترى.
و أضعف منه الاستناد إلى إطلاق ما دلّ على الأمر به تقدّمت الصيغة الثانية أو لا؛ إذ لا إطلاق معتدّ به صالح لذلك.
فالأولى الاقتصار على تعقيب الصيغة الثانية، و الظاهر إرادة كونه جزءاً مستحبّاً لا خارجاً؛ لكثير من الأدلّة التي سمعتها سابقاً.
إلّا أنّه قد ينافيه صحيح الحلبي ( [2]) السابق الظاهر في انتهاء الأجزاء حتى المندوبة بالصيغة الاولى، و يمكن حمله على غير التسليم.
كما أنّه بناءً على ما ذكرنا من الوجوب التخييري بين الهيئات لا تحتاج إلى شيء من ذلك، فتأمّل جيّداً، فإنّ المقام من مزالق الأفهام.
و يكفيك أنّ الشهيد (رحمه الله) مع شدّة تبحّره و حسن وصوله إلى المطالب الغامضة قد اضطرب عليه المقام، كما لا يخفى على كلّ ناظر للذكرى، إلى أن قال: «و هذه المسألة من مهمّات مسائل الصلاة، و قد طال الكلام فيها و لزم منه امور ستّة:
أحدها: القول بندبيّة التسليم بمعنييه كما هو مذهب أكثر القدماء» ( [3]).
و ردّه بمنافاته المتواتر من القول الذي لم يقرن بما يدلّ على ندبيّته، و بغير ذلك ممّا عرفته سابقاً.
«ثانيها: وجوبه بمعنييه، أمّا «السلام عليكم» فلإجماع الامّة، و أمّا الصيغة الاخرى فلما مرّ من الأخبار التي لم ينكرها أحد من الإماميّة مع كثرتها، لكنّه لم يقل به أحد فيما علمته» ( [3]).
قلت: لم ينعقد إجماع الامّة على الوجوب، بل هو على الخروج كظاهر النصوص السابقة، فالقول بوجوبهما معاً في غاية الضعف.
بل النصوص و الإجماع بقسميه تشهد بخلافه.
«ثالثها: وجوب «السلام علينا» عيناً، و قد تقدّم القائل به و فيه: خروج عن الإجماع من حيث لا يشعر قائله» ( [3]).
قلت: هذا [القول] حكاه سابقاً عن يحيى بن سعيد ( [6])، و عزاه المصنّف في المعتبر إلى الشيخ في التهذيب ( [7])، و لا ريب في ضعفه:
1- للإجماع بقسميه، بل الضرورة على الخروج بالصيغة الثانية.