في النصوص و الفتاوى بهذا الاسم، كمعروفيّة عدّ الاولى من التشهّد.
و قال الراوندي في حلّ المعقود من الجمل و العقود: «من قال: إنّ التسليم سنّة يقول: إذا قال: السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين فقد خرج من الصلاة، و لذلك لا يجوز التلفّظ به في التشهّد الأوّل، و من قال: إنّه فرض قال: إذا لم يكن تلفّظ في التشهّد الثاني بقول: السلام علينا ... إلى آخره، و لا نحو ذلك فتسليمة واحدة تخرج من الصلاة، و ينبغي أن ينوي بها ذلك ... إلى آخره» ( [1]).
إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة الدالّة على إرادة بعض من نُسب إليه من قدماء الأصحاب الندب في الجملة لا مطلق التسليم، و لو لا مخافة أن يطول الكلام بذكرها تفصيلًا لدللنا على ذلك، إلّا أنّ الحرّ تكفيه الإشارة.
و لقد أجاد العلّامة الطباطبائي بعد أن ذكر صيغتي السلام بقوله:
و الجمع أولى و عليه العمل * * * فالأوّل الواجب و المحلّل
و قد يريد النادبون الثاني * * * لجامع فاتّحد القولان
و كم بدا من قولهم شواهد * * * قضت بأنّ المعنيين واحد ( [2])
و لعلّ منها [/ من الشواهد] ما أشكل على الشهيد في الذكرى و الخراساني في الذخيرة من ظهور كلام الشيخين- اللذين هما الأصل في القول بالندب- في توقّف الخروج عن الصلاة على التسليم، و أنّه هو المحلّل عندهما كما اعترفا به، و قد ألجأهما الجمع بين ذلك و القول بالندب إلى تجشّمات ضعيفة و تعسّفات بعيدة ( [3]) لا ريب في أنّ ما ذكرناه من الجمع- بإرادة ندب خصوص الصيغة الثانية إذا جاء بالاولى، لا مطلق التسليم حتى الاولى المعدودة من التشهّد و لم تسمّ بالتسليم عندهما، و بها يحصل الخروج و التحليل و الانقطاع- أولى منها، و ربّما تسمع له تتمّة عند شرح قول المصنّف: «و له عبارتان» ( [4]).
و لا ينافيه جعل المفيد الآخر [أي آخر فروض الصلاة] الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم)؛ إذ لعلّه ممّن يقول بالوجوب الخارجي، أو لأنّ لما يحصل به الانقطاع جهتي دخول و خروج، أو لغير ذلك.
فمن الغريب- بعد ما عرفت- نسبة القول بالندب إلى أجلّاء الأصحاب في جامع المقاصد ( [5])، و الأكثر عن تعليق النافع ( [6]) و أكثر القدماء في الذكرى ( [7])، و أكثر المتأخّرين في المدارك ( [8]) و غيرها.
بل عن غاية المراد: أنّ «الأصحاب ضبطوا الواجب و الندب، و كلّهم جعلوه [/ التسليم] من قبيل الندب» ( [9]). و إن كنّا لم نتحقّقه فيها، مع أنّه لم يحك إلّا عن:
1- ظاهر والد الصدوق ( [10])، و لم نتحقّقه، بل مقتضى عدم نقل ولده عنه ذلك عدمُهُ، سيّما مع ما عن أماليه من نسبة