ضرورة كون مورد الأوّل الإقعاء لا القعود، فيتوقّف الاستدلال به على أنّ الإقعاء موضوع لخصوص هذا الفرد أو لما يشمله، و قد عرفت ما فيه.
و المراد بالثاني- بقرينة التعليل بالأذيّة و عدم الصبر- ما لا يشمل ذلك، و إن كان تخصيصه بالإقعاء بالمعنى المتعارف لا يخلو من بحث؛ لاحتمال إرادة النهي عن أن يجعل باطن قدميه على الأرض غير موصل ألييه رافعاً فخذيه و ركبتيه إلى قريب ذقنه كما يتجافى المسبوق، و التعليل منطبق عليه كمال الانطباق، و هو غير الإقعاء اللغوي؛ ضرورة عدم وضع الأليين فيه على الأرض، و منه تحصل الأذيّة. و لعلّ هذا هو مراد ابن الجنيد فيما حكي عنه من النهي عن القعود على مقدّم رجليه و أصابعهما ( [3])، لا الإقعاء اللغوي كما ظنّ.
لكن و مع هذا كلّه فالأحوط و الأولى ترك الجلوس على الوجوه الأربعة، بل ربّما احتمل إرادة النهي عن جميعها إن جاز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين أو المعنى الحقيقي و المجازي، بل و إن لم يجز؛ لإمكان عموم المجاز أو الاشتراك حينئذٍ.
فالأولى ترك الجميع، خصوصاً الذي لم يكن الجلوس فيه على الألية منها؛ لظهور شدّة طلب الشارع ذلك و عدم إرادة غيره، قال الصادق (عليه السلام) لسعيد بن عبد اللّه- لمّا سأله إنّي اصلّي في المسجد الحرام فأقعد على رجلي اليسرى من أجل الندى؟-: «اقعد على أليتيك و إن كنت في الطين» ( [4]).
و كأنّه عنى السائل جلوسه على أليته اليسرى مفترشاً لفخذه و ساقه اليسريين، أو غير مفترش ناصباً لليمينين، أو غير ناصب، فأمره (عليه السلام) بالقعود عليهما بالإفضاء بهما إلى الأرض- متورّكاً أو غير متورّك- أو لا به كما في كشف اللثام ( [5])، و اللّٰه أعلم، هذا. و قد وقع في الحدائق ( [6]) في المقام ما لا يخفى ما فيه بعد الإحاطة بما قدّمناه، خصوصاً دعواه حصر الكراهة فيما بين السجدتين بالإقعاء اللغوي دون المتعارف، فلاحظ و تأمّل.