و بين الركعة الاولى و الثانية، و بين الركعة الثالثة و الرابعة، و إذا أجلسك الإمام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافى، و لا يجوز الإقعاء في موضع التشهّد إلّا من علّة؛ لأنّ المقعي ليس بجالس، إنّما جلس بعضه على بعض، و الإقعاء أن يضع الرجل أليتيه على عقبيه في تشهّديه، فأمّا الأكل مقعياً فلا بأس به؛ لأنّ رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم) قد أكل مقعياً» ( [1]).
و لعلّ الجميع من الخبر، و إن حكاه في الذكرى عن الصدوق ( [2])، لكنّه غالباً يعبّر بمضمون الروايات، فقد يكون عبّر بمضمون هذا الخبر في الفقيه ( [3])، و حكاه عنه حينئذٍ فيها، و يحتمل انتهاؤه عند قوله: «تتجافى» و عند تفسير الإقعاء.
و على كلّ حال فهو شاهد لرفع الحرمة و موجب لحمل النهي المزبور على الكراهة.
نعم لا ينبغي للمصنّف قصره على ما بين السجدتين؛ إذ كما صدر النهي عنه بينهما- فحمل على ذلك لذلك- كذلك صدر النهي عنه مطلقاً:
1- في خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «لا تقع بين السجدتين إقعاءً» ( [4]).
2- و في مرسل حريز عن الباقر (عليه السلام) كما في موضع من الوسائل: «و لا تقع على قدميك» ( [5]).
3- و صحيح زرارة عنه (عليه السلام): «إذا قمت إلى الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك، فإنّما يحسب لك ما أقبلت عليه، و لا تعبث فيها بيدك و لا برأسك و لا بلحيتك، و لا تحدّث نفسك، و لا تتثأب، و لا تتمطّ، و لا تكفّر، فإنّما يفعل ذلك المجوس، و لا تلثّم، و لا تحتفز، و تفرّج كما يفرج البعير، و لا تقع على قدميك، و لا تفترش، و لا تفرقع أصابعك، فإنّ ذلك كلّه نقصان من الصلاة، و لا تقم إلى الصلاة متكاسلًا» ( [6]) الحديث. بناءً على إرادة الإقعاء منه لا الوقوع على القدمين. و كذا وقع النهي عنه في التشهّدين.
1- في الخبر المزبور [أي خبر زرارة المروي عن كتاب حريز].
2- و في صحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام) «و اذا قعدت في تشهّدك- إلى أن قال:- و إيّاك و القعود على قدميك فتتأذّى بذلك، و لا تكون قاعداً على الأرض فيكون إنّما قعد بعضك على بعض، فلا تصبر للتشهّد و الدعاء» ( [7]).
بل لعلّ التعليل- فيه خصوصاً قوله: «و لا تكون قاعداً على الأرض»- جارٍ في الجميع إن لم نقل: إنّ المراد مطلق القعود في الصلاة.
و دعوى الفرق فيما بين السجدتين و جلسة الاستراحة و بين التشهّد- بالقصر فلا يتأذّى و الطول فيتأذّى- ممنوعة، خصوصاً بعد ملاحظة التعليلين الآخرين. و قد سمعت ما في ذيل خبر المستطرفات.
و لعلّ منه و من هذا التعليل المناسب للكراهة دون الحرمة- و إطلاق معقد إجماع الخلاف ( [8]) على الكراهة كما قيل ( [9])،
[1] معاني الأخبار: 300- 301، ح 1. الوسائل 6: 349، ب 6 من السجود، ح 6.