و كأنّهما أرادا بذلك الإشارة إلى البغي في كلام الجوهري ( [1]). و في المحكي عن إرشاد الجعفريّة بتبيين الحروف و إظهارها.
و الجميع- كما ترى- متّحد مع اللغة حتى في ألفاظ التفسير. و لقد أجاد في المدارك في تفسيره له [/ الترتيل] بالترسّل و التبيين و حسن التأليف ( [2]) مشيراً بالجمع المزبور إلى اتّحاد المراد من هذه الألفاظ، بل الظاهر ذلك حتى ممّا ذكره في الذكرى ( [3]) و فوائد الشرائع ( [4])، و عن تعليق النافع من تفسيره بحفظ الوقوف و أداء الحروف ( [5])؛ ضرورة إرادة البيان من الأداء كما عبّر به في المحكي عن المفاتيح ( [6]) تبعاً للمرويّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أو في إحدى الروايتين عنه ( [7])، كما أنّ التعبير بالأداء تبعاً للمروي عن ابن عباس ( [8]).
و في فوائد الشرائع: «أي كمال الأداء» ( [4]) و في جامع المقاصد: «المراد بالتبيين- المأخوذ في تعريف الترتيل- ما زاد على القدر الواجب من التبيين» ( [10]). فعلم من ذلك كلّه اتّحاد المراد من البيان و الأداء، و قد يراد ما يشمل الوقوف من الترسّل و التؤدة و التشبيه بالثغر المفلّج.
قال في كشف اللثام: «كأنّه عنى بحفظ الوقوف أن لا يهذّ هذّ الشعر و لا ينثر نثر الرمل» ( [11]).
قلت: و يؤيّده روايتهما [/ هذّ الشعر و نثر الرمل] معاً في تفسيره بذلك [/ بحفظ الوقوف] عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فالمناسب للجمع بينهما إرادة معنى كلٍّ منهما من الآخر. فما في الروضة ( [12])- من أنّ معناه لغةً الترسّل و التبيين بغير بغي، و شرعاً ما في الذكرى، بل في المحكي عن الروض أنّه اختلفت العبارة عنه شرعاً، و ذكر ما في المعتبر و النهاية و الذكرى ( [13])، بل عنه في التصريح بأنّ له ثلاثة معانٍ، و ذكر ما في الكتب الثلاثة ( [14])- فيه ما لا يخفى. كما أنّ ما في النفليّة- من تفسيره تبعاً لعلماء التجويد: «بتبيين الحروف بصفاتها المعتبرة من الهمس و الجهر و الاستعلاء و الإطباق و الغنّة و غيرها و الوقف التامّ و الحسن و عند [/ الترتيل] فراغ النَّفَس مطلقاً» ( [15])- لا يخلو من نظر أيضاً؛ ضرورة عدم دليل على استحباب الوقوف المصطلحة عند القرّاء فضلًا عن أن تكون داخلة في مفهوم الترتيل.