وجه، بل ما يحكى عن التحرير ( [1]) و بعض نسخ التلخيص ( [2]) كالصريح في ذلك، حيث عبّر فيهما بأقلّ الإخفات المشعر بأنّ له فرداً أعلى، و هو ليس إلّا إسماع الغير الذي هو أقلّ الجهر، بل هو صريح المحكيّ عن الموجز من أنّ أعلى الإخفات أدنى الجهر ( [3])، فاعتُرض بظهور التفصيل و التقسيم إلى الجهريّة و الإخفاتيّة في النصوص و الفتاوى في عدم الاشتراك، و أنّهما ضدّان لا يجتمعان في فرد. و فيه: أنّك قد عرفت ظهور كثير من عباراتهم في أنّ ذلك تحديد للإخفات نفسه لا لأقلّه كما سمعته من صريح السرائر بل و غيرها. و يومئ إليه ذكر «الأقلّ» في تعريف الجهر، و لفظ «الحدّ» في تعريف الإخفات، و العطف في عبارة المتن و نحوها على الجملة، فانحصر الإيهام المزبور في النزر من العبارات.
و الضدّية حينئذٍ متحقّقة؛ لاعتبار إسماع الغير القريب عرفاً في أقلّ الجهر و عدمه في الإخفات، و المراد بالنفس حينئذٍ- المعتبر في تعريفه- نفي [إسماع] ذلك الغير المعتبر في تحقيق أقلّ الجهر، فليس مطلق إسماع الغير منافياً [للإخفات] خصوصاً بعض الحروف و نحوها، فلا دلالة حينئذٍ في المحكي عن نهاية الإحكام من أنّهما حقيقتان متضادّتان على ما يقوله المتأخرون ( [4])؛ إذ قد عرفت حصوله [/ التضادّ] على التقدير المزبور.
9/ 380/ 619
كما أنّه لا دلالة في بعض العبارات- الظاهرة في أنّ للإخفات فرداً أعلى من إسماع النفس- عليه أيضاً؛ إذ هي إمّا منافية و ابتناؤها على أنّ بينهما العموم من وجه، أو يكون المراد منها ما ذكرناه من بعض صور إسماع الغير التي لا يتحقّق بها الجهر، فأقلّه حينئذٍ إسماع النفس، و أعلاه إسماع الغير الذي يكون أبعد عن النفس في الجملة. على أنّه يمكن القول- على الإيهام المذكور- بعدم إجزاء فرد الاجتماع في شيء منهما، و أنّ التقابل إنّما هو في فردي الافتراق؛ ضرورة استلزام اجتماع الأمر و النهي فيه، و ظهور اقتضاء التقابل خلافه، لا أنّه يجتزى به [/ فرد الاجتماع] في كلٍّ منهما كي يتأتّى الاعتراض السابق، و لكنّ الفتوى على الأوّل [و هو عدم اتّحادهما و لو في بعض المصاديق]. و ظنّي أنّه ينطبق على ما ذكره المحقّق الثاني ( [5]) و تبعه عليه من تأخّر عنه كما اعترف به هو؛ إذ حاصله أنّ المرجع فيهما إلى العرف، كما هو الضابط في كلّ ما لم يرد به تحديد شرعي، و الجهر يتحقّق فيه بإسماع القريب عرفاً مع فرض عدم المانع من هواء أو ماء بسبب إظهار جوهر الصوت و الجرسيّ منه اللذين بهما يتحقّق الجهر عرفاً، و الإخفات بإسماع النفس أو مع الغير لكن بإخفات الصوت و همسه و عدم ظهور الجرسيّ منه.
فهما حينئذٍ ضدّان، و أنّه لا يعتبر في الجهر إسماع الغير و إن أمكن دعوى لزومه له، كما أنّه لا يعتبر في الإخفات عدم إسماع الغير؛ ضرورة حصول مسمّاه عرفاً بالتقدير المزبور و إن أسمع الغير.
بل في كشف اللثام: «عسى أن لا يكون إسماع النفس بحيث لا يسمع من يليه ممّا يطاق» ( [6])، و كأنّه يريد بيان شدّة العسر و الحرج لو اعتبر في الإخفات عدم إسماع الغير.
بل في الرياض: أنّه «يعضد العرف ما في الصحاح جهر بالقول: رفع الصوت به، قيل: و يظهر من القاموس ذلك أيضاً» ( [7]).