ظنّ حصل للمجتهد، و من أنّ اسم العبادة للأعمّ القاضي بأنّ ما شكّ في اعتباره فيها يحكم بعدمه.
و لعلّه لذا أو لغيره لم يرجّح بين القولين في المحكيّ عن المهذب و غاية المرام و كشف الالتباس ( [1])، بل اختار التخيير في التذكرة و الحدائق ( [2])، بل حكاه في مصابيح العلّامة الطباطبائي ( [3]) عن صريح السرائر أيضاً و ظاهر نهاية الإحكام و التحرير و المحرّر و الموجز و غاية الإيجاز و مصباح المبتدي و بحار الأنوار و الكفاية و الذخيرة. بل هو ظاهر المدارك و المحكي عن الحديقة و المسالك الجامعيّة و إن قيل فيهما: إنّ الإخفات أحوط. بل لعلّه أيضاً ظاهر التنقيح و إن قال فيه: «الأولى الإخفات فيه؛ لأنّه أشدّ يقيناً للبراءة» ( [4]). بل لعلّه ظاهر كان من اقتصر على ذكر القراءة في الجهر و الإخفات كما سمعته سابقاً.
بل في المحكي عن البحار- بعد الحكم بأنّ التخيير أقوى-: «و تدلّ بعض الأخبار ظاهراً على رجحان الجهر، و لم أر به قائلًا» ( [5]). و في مفتاح الكرامة: «وجدت في هامش رسالة تلميذ ابن فهد أنّ بعض الأصحاب ذهب إلى استحباب الجهر» ( [6]).
قلت: لعلّ المجلسي (رحمه الله) أراد ما في خبر رجاء بن الضحّاك من أنّه: صحب الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مرو، فكان يسبّح في الاخراوين يقول: «سبحان اللّٰه» ( [7])؛ ضرورة ظهوره في أنّه حكاية ما كان يسمعه منه حال الصلاة، و لا يتمّ إلّا مع الجهر الذي ستعرف أنّ أدناه عند الأصحاب إسماع الغير، و أنّ الإخفات ليس إلّا إسماع النفس خاصّة، حتّى نقلوا الإجماع على ذلك.
و أوضح منه ما في خبر أحمد بن عليّ المروي عن العيون من: أنّه صحب الرضا (عليه السلام) فكان يسمع ما يقوله في الأواخر من التسبيحات ( [8]). و هما- مع الأصل، و إطلاق بعض أخبار الجهريّة، و ما فيه من التعليل، و ما عساه يشعر به التقييد فيما روي من أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقرأ في أوّلتي الظهر سرّاً ( [9])، و غير ذلك- يستفاد منه أصل الجواز أيضاً، بل الأخير مشعرٌ برجحان الجهر المدّعى سابقاً، فتأمّل جيّداً.
فليس من العدل حينئذٍ شدّة الإنكار على القول بجواز الجهر فيه، بل و لا ما في الرياض هنا من نظمه التسبيح تارةً في البحث عن القراءة مشعراً باتّحاد البحث فيهما ( [10])، و قوله عند البحث على أقلّ الجهر: «الظاهر الاتّفاق عليه» ( [11]) اخرى، و كأنّه لم يظفر بما ذكرناه في المسألة، و اللّٰه أعلم.