ضرورة أنّه لم يظهر منهم إرادة اختصاصها من دون ملاحظة الجمع، فحينئذٍ يتّجه السقوط أيضاً هنا؛ لأنّ الظاهر من النصوص و الفتاوى استحباب الجمع مطلقاً صلّى الظهر أربعاً أو جمعة.
على أنّ الحكم [بالسقوط] غير مقيّد باستحباب الجمع، بل وقوعه كافٍ في السقوط و إن لم يكن مستحباً كما يفهم من تعليل كثير من الأصحاب، و لعلّه لذا نسبه غير واحد إلى الشهرة كما قيل ( [1])، بل ربّما نسب إلى الأصحاب.
بل عن الخلاف: ينبغي لمن جمع بين الصلاتين أن يؤذّن للُاولى و يقيم للثانية ( [2]).
و في كشف اللثام: «و كذا يسقط بين كلّ صلاتين جمع بينهما- أي لم يتنفّل بينهما- كما قطع به الشيخ و الجماعة؛ لأنّه المأثور عنهم (عليهم السلام)» ثمّ حكى عن الذكرى أنّ الساقط فيه أذان الإعلام لا أذان الذكر و الإعظام، و قال: «و لمّا لم يعهد عنهم إلّا تركه أشكل الحكم باستحبابه و إن عمّت أخباره و لم يكن إلّا ذكراً و أمراً بالمعروف» ( [3]).
قلت: و كأنّ ذلك كلّه لأنّه مع الجمع كالصلاة الواحدة، و لأنّ المعهود منهم (عليهم السلام)- قولًا و فعلًا، في حال استحباب الجمع و غيره- ذلك:
أ- ففي صحيح عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق (عليه السلام): «أنّ رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين، و جمع بين المغرب و العشاء في الحضر من غير علّة بأذان و إقامتين» ( [4]).
ب- و في صحيح عمر بن اذينة عن رهط منهم الفضيل و زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنّ رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين، و جمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين» ( [5]).
جو في خبر صفوان الجمّال: صلّى بنا أبو عبد اللّه (عليه السلام) الظهر و العصر عند ما زالت الشمس بأذان و إقامتين، و قال: «إنّي على حاجة فتنفّلوا» ( [6]).
د- مضافاً إلى ما ورد ( [7]) في المسلوس و المستحاضة من سقوط الأذان للفرض الثاني، و ما ذاك إلّا للجمع المشروع له.
هو ما تسمعه في ظهري عرفة و عشاءي المزدلفة.
و- و ما سمعته في الجمعة و العصر، و في الوِرد الواحد من القضاء و غير ذلك.
و من الجميع بمعونة فهم الأصحاب يحصل الظنّ أنّ العلّة في السقوط في الجميع الجمع، بل منه حينئذٍ يظهر أنّ الأقوى التحريم وفاقاً للمحكي عن صريح بعضٍ و ظاهر آخرين لما سمعته مفصّلًا.
لكن قد يناقش في ذلك كلّه: بأنّه ليس في شيء من النصوص إشارة إلى العلّة المزبورة كي يصحّ الاستناد إليها، و لا شهرة محقّقة عليها، و إنّما وقعت في كلام بعضهم المحتمل للتقريب و نحوه ممّا يذكر بعد النص على الحكم كما هي عادتهم.
و لم يكن المنقول عنهم (عليهم السلام) استمرار الجمع في غير محلّ استحبابه على وجهٍ يعلم منه أفضلية الترك، و أقصى الأخبار