و في كشف اللثام: «صحيح ابن أبي نصر يحتمل احتمالًا ظاهراً أنّه إذا كان متذكّراً لفعل الصلاة عنده أجزأه فليقرأ بعده إن تذكّر و لمّا يركع و لم يكن مأموماً ثمّ ليكبّر مرّة اخرى للركوع؛ إذ ليس عليه أن ينوي بالتكبير أنّه تكبير افتتاح كما في التذكرة و الذكرى و نهاية الإحكام؛ للأصل، إن لم يكن مأموماً» ( [1]).
و فيه:
1- بعد الإغضاء عن جريان الأصل، و عن وجه التقييد بغير المأموم.
2- إنّه لا تلازم بين عدم وجوب نيّته أنّه تكبير افتتاح و بين الاجتزاء بالتكبير المقصود أنّه للركوع و إن كان لا خطاب به حينئذٍ، لكنّ التعدّد بزعم المكلّف كالتعدّد واقعاً، فمتى شخّصه المكلّف لخيال تحقّق الخطاب لم يصلح بعدُ لغيره، كغيره من الأفعال المشتركة التي تقع على وجوه متعدّدة و إنّما تتشخّص بالنيّة.
3- بل و لا بينه و بين الاجتزاء بتكبير لم يقصد فيه إلّا أنّه للصلاة في الجملة، ثمّ اختار جعله بعد ذلك افتتاحيّاً. و ما يقال:
ليس في الأدلّة إلّا اعتبار افتتاح الصلاة بالتكبير و أنّه أوّل الصلاة، و لا ريب في صدقه على الثاني، بل و الأوّل؛ إذ قصد أنّه للركوع بعد أن لم يكن هناك خطاب به لم يخرجه عن صدق كونه تكبيراً، فإذا ألحقه بعد ذلك بالقراءة مثلًا و غيرها من أفعال الصلاة صدق عليه أنّه افتتح الصلاة بالتكبير، و كان أوّل صلاته التكبير؛ إذ هو حينئذٍ كجزء قُصد به لصورة خارجيّة تشخّصه فعدل عنها و جُعل لصورة اخرى بعد فرض صلاحيته لهما؛ ضرورة اتحاد الصورة الذهنية و الخارجية في ذلك.
واضح البطلان:
1- ضرورة الفرق بين ما نحن فيه و بين الصورة الخارجيّة؛ إذ هو من الأفعال التي من مقوّمات تشخّصها النية، بخلاف تلك.
2- على أنّه لا ينبغي إنكار ظهور الأدلّة في المقام فيما لا يشمل مثل هذا الفرد [من التكبيرة]، و في انسياق إلزام المكلّف بتكبير في أوّل الصلاة بحيث لو تنبّه و تفطّن لاستحضر أنّه أوّل الصلاة إلى الذهن، بل قد يقال باقتضاء مقارنة النيّة له- و إن كانت الداعي- وجوب استحضار ما يلزم ذلك، و مرادنا بعدم وجوب قصد الافتتاحيّة أنّه لا يجب عليه استحضار ذلك حال التكبير.
و كذا ما عساه يقال من أنّ التكبير كباقي أجزاء الصلاة، فكما أنّ النيّة الاولى تؤثّر في الأجزاء اللاحقة بحيث لا يقدح عدم نيّة المكلّف لها حالها، بل و لا نية خلافها- كالقصد بالتكبير للسجود مثلًا و هو في حال الركوع، و كالتكبير بقصد السجدة الثانية و كان في الاولى- فكذا تكبيرة الإحرام يكفي في وقوعها له النيّة للصلاة و إن تخيّل أنّها للركوع؛ إذ نيّته أنّها للركوع في الحقيقة تفصيل لتلك النيّة الاولى و تأكيد لها، فإذا فرض عدم المصادفة بقي تأثير الأصل فيه و ذهب التأكيد.
و ربّما يشير إليه في الجملة النصوص ( [2]) المتضمنة لعدم البأس بالغفلة عن الفريضة في الأثناء حتى أتمّها على أنّها نافلة. فإنّ فيه أيضاً الغفلة عن الفرق بين أوّل العمل و بين غيره؛ إذ الثاني ربّما يقال بالاكتفاء فيه بتلك النيّة المقارنة لأوّل العمل؛ لصدق النيّة لجميع أجزاء العمل بذلك، و بتلبّسه به و دخوله فيه لم يحتج بعدُ إلى نيّة أجزائه، بل و لا يقدح نيّة الخلاف فيه أيضاً بخلاف الأوّل؛
[1] كشف اللثام 3: 417، و ليس فيه: «إن لم يكن مأموماً».