نعم المتّجه منع وجوب الاستدامة بمعنى الاتصال، بل المسلَّم منه عدم خلوّ شيءٍ من الأفعال عن النيّة.
و ثانيها: وضوح الفرق بين الصلاة و الوضوء بمراعاة الهيئة فيها دونه، و لذا لا يجوز ارتفاع شيء من الشرائط كالاستقبال و الاستتار و الطهارة و نحوها في شيءٍ منها، بل التعبير عن ذلك فيها بالانقطاع- بخلاف غيرها فبالبطلان- أوضح شيء في اعتبار الاتصال فيها، كما أوضحنا ذلك في محلّه.
ثالثها: كون المتّجه على ما ذكره عدم الفرق بينها و بين الوضوء مطلقاً حتى لو فعل بعض أفعالها؛ إذ دعوى استلزام الزيادة في الإعادة.
يدفعها: عدم وقوع الأوّل من الصلاة؛ إذ الفرض أنّه جاء به حال نية الخروج فلا زيادة بالإعادة، فالمتّجه حينئذٍ تساويهما من هذه الجهة أيضاً.
9/ 180/ 292
و منه يعلم فساد ما في كشف اللثام من احتمال البطلان لكونه كتوزيع النيّة على الأجزاء ( [1])؛ ضرورة جريان مثله في الوضوء المعلوم عدم البطلان فيه بذلك، فينحصر التوزيع المبطل فيما لا يشمل مثل ذلك.
نعم يمكن الفرق بينهما بما أشرنا إليه من اعتبار الاتصال في الصلاة و عدمه في الوضوء. و لعلّ هذا هو مدار المسألة في المقام، كما يومئ إليه إطلاق البطلان بنيّة الخروج- ممّن قال به- و عدمه بها من غير تقييد من كلٍّ منهما بإتيان بعض الأفعال و عدمه.
و ما ذاك إلّا لأنّ القائل بالأوّل يدّعي بطلان الصلاة بمجرّد فوات اتصال العزم الأوّل الذي هو معنى الاستدامة عنده، فهو كفوات الاستقبال و الطهارة مثلًا و غيرهما من الشرائط، فإنّه لا يكفي في الصحة تلافيها لما بقي من الأجزاء فالاستدامة مثلها.
و القائل بالثاني لم يثبت شرطيّة ذلك عنده في خصوص الاستدامة، و المسلّم منه عنده عدم خلوّ شيء من أجزاء الصلاة من النيّة الإجمالية أو التفصيلية، كما أنّه لم يثبت عنده البطلان بخلوّ الاستمرار القيامي مثلًا- المقارن لنيّة الخروج- عن النيّة.
و لعلّه يفرّق بين اتصال النيّة و باقي الشرائط بأنّه قد ثبت البطلان بفقدها في أثناء الصلاة، كباقي الموانع و إن لم يقارن جزءاً من أجزاء الصلاة، فلو كشف عورته أو استدبر القبلة مثلًا حال تشاغله ببعض الأفعال التي لا تقدح في الصلاة كقتل عقرب أو حيّة أو تناول حاجة بطلت صلاته و إن لم يقارن ذلك جزءاً من أجزاء الصلاة حتى القيام- لفرض عدم كونه قائماً حاله- لصدق الاستدبار و الكشف مثلًا و هو في الصلاة، أي لم يتمّ الصلاة، بخلاف اتصال النية، فإنّه ليس في الأدلّة ما يقضي باعتباره كذلك؛ إذ ليس فيها إلّا قوله (عليه السلام): «لا عمل إلّا بنيّة» ( [2])، و هو صادق مع فرض تجديد النيّة و رفض النيّة الاولى. بل قد يقال بصدقه و إن لم يجدّد نيّة، كما هو مقتضى إطلاق المصنّف و غيره الصحة مع نيّة الخروج.
و لعلّه لعدم استلزام نيّته الخروج نيّة غير الصلاة بباقي الأفعال، خصوصاً لو ذهل عنها، فيبقى مقتضى النيّة الاولى حينئذٍ بلا معارض؛ إذ هو ليس إلّا قصد غير الصلاة بباقي الأفعال، و لا تلازم بين نيّة الخروج و بين ذلك، فتأمّل جيّداً، فإنّه لا يخلو من دقّة، و إن كان للبحث فيه مجال، بل الأحوط خلافه كما، أنّ الأحوط استئناف الصلاة بمجرّد نيّة الخروج، لكن بعد إتمامها.