1- فمنهم من ذكره في سياق استحباب الحكاية، و قد ذكرنا هناك أنّه لا دليل على اختصاص استحباب ذلك للحاكي، لكن
عليه لا منافاة بينه و بين ما ذكروه من اشتراط الإيمان.
2- و منهم من ذكره في سياق هذه المسألة [أي مسألة من صلّى خلف من لا يقتدى به]، و لا بدّ من حمله على إرادة كونه مستحبّاً برأسه؛ لتصريحهم فيها بعدم الاعتداد بأذان المخالف، و لعلّ دليل الاستحباب المزبور ما سمعته من مرسل الشيخ.
3- و منهم من ذكرها مستقلّة لا في سياق إحدى المسألتين. و الأولى إرادتهم ذلك أيضاً.
و على كلّ حال، فالأمر سهل بعد تنقيح الأدلّة و عدم الإشكال فيها، هذا.
و قد ترك المصنّف التعرّض لاستحباب الأذان وحده أو مع الإقامة في غير الصلاة، مع [وجود روايات دالّة على استحبابهما في غيرها، و هي كما يلي]:
1- إنّ الصدوق (رحمه الله) أرسل عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إذا تولّعت بكم الغُول فأذّنوا» ( [1]).
2- و في خبر جابر الجعفي المروي عن محاسن البرقي عن محمّد بن عليّ (عليهما السلام) قال: «قال رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله و سلم): إذا تغوّلت بكم الغيلان فأذّنوا بأذان الصلاة» ( [2]). و عن دعائم الإسلام روايته عن عليّ (عليه السلام) ( [3]).
و رواه في الذكرى عن الجعفريّات عن النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) ( [4])، قال: «و رواه العامّة ( [5]) و فسّره الهروي ( [6]) بأنّ العرب تقول بأنّ الغيلان في الفلوات تراءى للناس تتغوّل تغوّلًا أي تلوّن تلوّناً فتضلّهم عن الطريق فتهلكهم. و روي في الحديث: «لا غُول» ( [7]) و فيه إبطال لكلام العرب، فيمكن أن يكون الأذان لدفع الخيال الذي يحصل في الفلوات و إن لم يكن له حقيقة» ( [8]).
قلت: لكن في الحدائق عن النهاية الأثيرية: «أنّ الغول لا تستطيع أن تضلّ أحداً، و يشهد له الحديث: «لا غول و لكنّ السعالي سحرة الجن» أي و لكن في الجنّ سحرة لهم تلبيس و تخييل، و منه الحديث: «إذا ... إلى آخره» أي ادفعوا شرّها بذكر اللّٰه تعالى» ( [9]).
و على كلّ حال، فلا إشكال في استحباب الأذان في الحال المزبور، و إليه أشار العلّامة الطباطبائي بقوله:
و سنّ في تغوّل الغيلان * * * بالموحشات الجهر بالأذان ( [10]
)
[1] الفقيه 1: 298 ح 910 و فيه «تغولت». الوسائل 5: 455 ب 46 من الاذان و الاقامة ح 1.
[2] المحاسن: 48 ح 68. الوسائل 5: 456 ب 46 من الاذان و الاقامة ح 4.
[3] دعائم الاسلام 1: 147. المستدرك 4: 63 ب 35 من الاذان و الاقامة ح 4.