و يحمل التعريف حينئذٍ على خصوص الطهارات التي هي نوع من العبادات، فتخرج الإزالة و تدخل في الخطابات الشرعية، و يزول الإشكال عن التفسير و الاستدلال، بل يرتفع الخلاف بين القول بدخولها و خروجها، و اختاره [أي الوضع للمشترك] العلّامة الطباطبائي [1]، و هو لا يخلو من قوّة.
إلّا أنّ الأقوى خلافه؛ لما فيه من التجشّم في تأويل ما لا يقبل التأويل من التصريح الواقع من بعضهم [2] و غيره، مع أنّ دعوى شيوع استعمال لفظ «الطهارة» [3] في ذلك [أي الأعمّ] في حيّز المنع، فلعلّ ما ذكرنا من الفرق بينها و بين غيرها من التصرّفات أولى.
و لا يلزم من نقل المشتقّات نقل المصدر، بل هو منقول لمعنى آخر، و لا يشترط وجود المشتقّ منه معها، بل يكفي اقتطاعها منه بذلك المعنى، فليتأمّل.
لا يقال: إنّ النزاع في نحو ذلك ما هو إلّا اختلاف اصطلاح.
لأنّا نقول: إنّه نزاع في إثبات المعنى المتشرّعي الذي هو ضابطة للحقيقة الشرعية ما لم يعلم الحدوث، كما يظهر من تحرير محلّ النزاع فيها.
و قد وقع تعريفها على لسان كثير من علمائنا (رحمهم الله):
فعن الشيخ في النهاية: «أنّ الطهارة في الشريعة: اسم لما يستباح به الدخول في الصلاة» [4]. و عن القاضي ابن البرّاج في الروضة كذلك بزيادة: «و لم يكن ملبوساً أو ما يجري مجراه» [5]. و عن المهذّب و الموجز: «أنّها استعمال الماء و الصعيد على وجه يستباح به الصلاة، أو تكون عبادة تختصّ بغيرها» [6].
و عن الشيخ في المبسوط و الاقتصاد: «الطهارة عبارة عن إيقاع أفعال في البدن مخصوصة على وجه مخصوص يستباح به الصلاة» [7].
و عن ابن إدريس [8] أنّه ارتضاه. و عن قطب الدين الراوندي: «أنّ الاحتراز التامّ، أنّ الطهارة الشرعية: هي استعمال الماء أو الصعيد نظافة، على وجه يستباح به الصلاة و أكثر العبادات» [9].
و عن نجيب الدين محمّد بن أبي غالب في المنهج الأقصد: «الطهارة الشرعية: هي إزالة حدث أو حكم لتؤثّر في صحّة ما هي شرط فيه» 10. و عن المصنّف في المعتبر: «أنّها اسم لما يرفع حكم الحدث» [11]. و عن المسائل المصرية: «أنّها استعمال أحد الطهورين لإزالة الحدث أو لتأكيد الإزالة» [12]. و عن العلّامة في التحرير و التلخيص: «الطهارة شرعاً: ما له صلاحية التأثير في استباحة الصلاة من الوضوء و الغسل و التيمّم» [13].