[و التحقيق إدخال العيون في البئر إن ساعد العرف على ذلك، و إلّا كان لها حكم الجاري و إن لم تدخل في الاسم]. هذا كلّه في النابع المتعدّي.
و هل يلحق به المتعدّي ممّا يخرج رشحاً؟ وجهان (1). الأقوى كونه من الجاري مع جريانه، و من ذي المادة مع عدمه.
و أمّا الثمد و هو ما يتحقّن تحت الرمل من ماء المطر (2)
(1) ينشآن:
أ: 1- من اعتبار النبع في الجاري، كما يظهر من كثير من كلماتهم، حتّى أنّه قال في جامع المقاصد: «إنّ الجاري لا عن نبع من أقسام الراكد، يعتبر فيه الكرّية اتّفاقاً ممّن عدا ابن أبي عقيل» [1]، بل ربّما زاد بعضهم فاعتبر كونه من ينبوع، و هي ما يدفق منه الماء كالفتق. و كيف كان، فلا يدخل الرشيح فيه؛ إذ المراد بالنبع: «الخروج من عين» كما في المصباح [2]، و عن القاموس و المجمع [3]، و هي: ما يشخب منها الماء، نعم قد تكبر و قد تصغر، و الرشيح ليس كذلك، بل هو في الحقيقة كالعرق للإنسان، و عن الخليل في العين- بعد أن ذكر أنّ الرشيح اسم للعرق-: «و الراشح و الرواشح جبال تندى، فربّما اجتمع في اصولها ماء قليل، و إن كثر سمّي واشلًا، و إن رأيته كالعرق و يجري خلال الحجارة يسمّى راشحاً» [4].
2- هذا، مع الشكّ في شمول ذي المادة لمثله، فينقدح الشكّ حينئذٍ في إلحاقه بحكم الجاري، فضلًا عن كونه جارياً من غير فرق في ذلك بين المتعدّي منه و غيره، و لعلّه هو الذي يسمّى في عرفنا الآن بالنزيز.
ب: 1- و من صدق اسم الجاري، و منع عدم صدق اسم النبع، سيّما على ما فسّره في الصحاح من أنّه: «مطلق الخروج» 5.
2- على أنّه لو سلّم أنّ مثله لا يسمّى نبعاً، نمنع اعتبار النبع في الجاري، نعم غاية ما علم أنّ الجاري لا عن مادة ملحق بالراكد، فيبقى غيره.
3- كما أنّا نمنع الشكّ في شمول ذي المادة له. و منه يظهر احتمال أنّه كالجاري أحكاماً و إن لم يجرِ- بعد تسليم عدم شمول الجاري لمثله- سيّما بعد جريانه فعلًا و صيرورته نهراً كبيراً مثلًا. و التزام إجراء حكم المحقون عليه لا يخفى عليك ما فيه.
(2) كما عن الأصمعي- على ما نقل عن الأساس- قال: «هو ماء المطر يبقى محقوناً تحت رمل، فإذا انكشف عنه أدّته الأرض» [6].
و عن الخليل في العين: «أنّ الثمد الماء القليل يبقى في الأرض الجلد» [7]. و لعلّه هو مراد الصحاح و القاموس [8] و المجمع و شمس العلوم [9]- على ما نقل عنهم- من أنّه: «الماء القليل الذي لا مادة له»؛ إذ ما كان على وجه الأرض لا يسمّى ثمداً قطعاً.