و المراد بها (1) أن لا تنقض النيّة الاولى بنيّة تخالفها (2).
(1) على ما فسرت في جملة ممّا سبق، بل نسبه الشهيد إلى كثير [1]، و المقداد إلى الفقهاء [2] مشعراً بدعوى الإجماع عليه.
(2) بل قد يرجع إليه ما في السرائر [3] و الغنية [4]: «أن يكون ذاكراً لها غير فاعل لنيّة تخالفها». مع دعوى الثاني [أي صاحب الغنية] الإجماع، و ذلك بجعل قولهما: «غير ... إلى آخره» تفسيراً لما قبله، و إلّا فالإجماع محصّلًا و منقولًا [5] و غيره على صحّة عبادة الذاهل، و أنّه لا يجب استمرار الذُكر.
و به يظهر أنّ مراده في الذكرى من تفسيره لها بالبقاء على حكمها و العزم على مقتضاها [6] ما يرجع إلى المشهور أيضاً.
و إنّما ارتكب [الشهيد] ذلك لما في تفسير المشهور من كونه [تفسيراً] بأمر عدمي، و لذا قال: إنّه مبني على أنّ الباقي مستغنٍ في بقائه عن المؤثّر [7]. و لعلّ مراده بالباقي: الإخلاص أو الصحّة أو صفة العباديّة، فأراد العدول عن التفسير بالعدمي ففسّرها بذلك، و هو ملازم له و سبب فيه، فلا ثمرة حينئذٍ بين التفسيرين.
و أمّا ما يقال من أنّه [الشهيد] يريد إيجاب استمرار تذكّر البقاء و العزم إلى الفراغ، فينبغي أن يقطع بعدمه، و كيف؟ و هو قد صرّح بعدم بطلان العبادة مع الذهول عن ذلك [8]، غير متردّد فيه، بل المحقّق الثاني 9 نقل الإجماع على ذلك.
نعم، يحتمل إرادة تجديد العزم كلّما ذكر، و به يحصل الفرق حينئذٍ، لكنّه لا دلالة في كلامه عليه. كما أنّه يحتمل أن يكون الفرق بينهما بما تسمع- إن شاء اللّٰه تعالى- من بطلان الاستدامة بالتردّد في إبطال العمل و عدمه، فإنّه يتّجه البطلان على تفسير الشهيد و العدم على الثاني [أي تفسير المشهور].
و كيف كان، فالدليل على اشتراط الصحّة بها في الجملة- بعد الإجماع المدّعى- ما ذكره بعضهم أنّ الأصل يقتضي إيجاب النيّة الفعليّة؛ لقيام دليل الكلّ في الأجزاء، إلّا أنّه لما تعذّر ذلك أو تعسّر اكتفي بالاستمرار الحكمي [10]، لعدم سقوط الميسور بالمعسور و «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» و نحو ذلك.