ثمّ الظاهر (2) عدم الفرق في ذلك بين الغسل و غيره من إزالة الوسخ و نحوه (3).
(1) ظاهر الأصحاب خصوص التسخين بالنار:
1- إمّا لأنّهم اكتفوا عن ذكر الكراهة بالمسخن بالشمس بما تقدّم. لكن فيه: أنّه يقضي بكراهة الغسل للأموات في المشمّس، و الظاهر خلافه؛ لظهور ما تقدّم من الأدلّة في خلافه، مع التعليل بالبرص. نعم، قد يقال بالكراهة للمستعمل المباشر نفسه، كما ذكرنا سابقاً، فتأمّل.
2- أو من جهة ظهور روايات المقام في ذلك؛ لتبادره، و لقوله: «لا تعجل له النار» على وجه.
3- أو لأنّ المقصود أنّ المسخّن بالنار المكروه منه ذلك من غير تعرّض لغيره.
أمّا لو كان مسخّناً بغيرها فالظاهر منهم عدم الكراهة.
لكن قد يشكل بتناول بعض الروايات له كقوله: «لا يقرب الميّت ماءً حميماً» [1] و نحوه.
(2) [و هو الظاهر] من قوله: «لا يقرب ماءً حميماً». مع قوله في الآخر: «لا يعجّل له النار».
(3) و يرشد إليه استثناء الشيخ (رحمه الله) ما إذا كان على بدنه [الميّت] نجاسة لا يقلعها إلّا الماء الحار [2]. و مثله ما في المهذّب [3] من استثناء تليين الأعضاء و الأصابع، إلّا أن يريد به الغسل للتليين.
فما يظهر من المصنّف و غيره من اختصاص الحكم بالغسل لا يخلو من تأمّل.
و أطلق المصنّف هنا كما في النافع [4] و الإرشاد [5]، لكنّه قال في المعتبر: «قال الشيخان: و لو خشي الغاسل من البرد جاز. و هو حسن؛ لأنّ فيه دفعاً للضرر» [6].
و في القواعد: «إلّا مع الحاجة» [7]. و قد عرفت ما استثناه الشيخ من إزالة النجاسة، و المهذّب من تليين الأعضاء. و هو منافٍ لإطلاق الأخبار؛ و لعلّ مراد الشيخ (رحمه الله) بعدم الإمكان بالنسبة إلى إزالة النجاسة، التعذّر حقيقة، فإنّه يتعيّن حينئذٍ قطعاً.
نعم، إذا كان الماء بارداً جدّاً قد سمعت ما عن أبي جعفر و عن الرضا (عليهما السلام) من قولهما: «إلّا أن يكون شتاءً بارداً فتوقيه ممّا توقي نفسك».