و فيه: أنّ هذا تمام في الامور الواقعية، و يكون وجهاً عقلياً لها؛ بداهة أنّه إذا لم يكن زيد- مثلًا- واجداً لمبدإ العلم لا يصحّ صدق العالم و إطلاقه عليه حقيقة، و لكن هذا لا يوجب امتناع إطلاق لفظ المشتقّ و جريه على ما انقضى عنه؛ لإمكان وضع اللفظ لمعنىً أعمّ، و لا يلزم من الوضع كذلك محذور.
مع أنّه لنا ألفاظ موضوعة لمعانٍ متضادّة، كلفظ «القُرْء» للطهر و الحيض.
و غاية ما يمكن أن يقال هنا: إنّ المتبادر من صحّة انتزاع عنوان من موضوع و جريه عليه هو فعلية الحيثية و الخصوصية في الموضوع، و هو تمام لا غبار عليه، لكنّه تمسّك بالتبادر، لا بشيء آخر [1]
. الوجه الثالث:
ما أفاده المحقّق الأصفهاني (قدس سرهم)ن أنّ مفهوم الوصف بسيط؛ إمّا على ما يراه المحقّق الدواني من اتّحاد المبدأ و المشتقّ ذاتاً و اختلافهما اعتباراً، أو على نحو آخر على ما يساعده النظر من كون مفهوم المشتقّ صورة مبهمة متلبّسة بالقيام على النهج الوحداني. و مع البساطة بأحد الوجهين لا يعقل الوضع للأعمّ، ثمّ أخذ في الاستدلال على الامتناع [2]
. و فيه: أنّه- كما سنشير إليه قريباً إن شاء اللَّه- أنّ مسألة بساطة المشتقّ و تركّبه ليست عقلية، و الوجوه التي اقيمت لبساطته مخدوشة. بل مسألة لغوية تابعة لوضع المشتقّ لمعنىً بسيط أو مركّب، و قد أشرنا أنّ الطريق الوحيد لإثباته التبادر.
فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ هذه المسألة لغوية راجعة إلى مفهوم لفظ المشتق، و الدليل الوحيد في إثبات الأوضاع و المعاني اللغوية هو التبادر، لا العقل.
[1]- قلت: مضافاً إلى أنّ محلّ البحث، كما أفاده سماحة الاستاذ- دام ظلّه- في الدورة السابقة في لفظة المشتقّ و معناها التصوّري الإفرادي، فالحمل و الجري متأخّران عن الوضع، فتدبّر.