و توهّم: أنّ هذا منافٍ لما أسلفناه؛ من أنّه يفهم من زنة اسم الآلة بدون المادّة معنىً، و من المادّة بدون الهيئة معنىً آخر.
مدفوع: بأنّ غاية ما أسلفناه هي أنّه إذا لوحظ زنة اسم الآلة- مثلًا- فيفهم أنّ لها تطوّراً و معنىً إجمالياً، و لا يدلّ على أنّها تدلّ على المعنى مستقلًاّ. و كذلك في جانب المادّة؛ فإنّها تدلّ على المعنى إجمالًا، لا على المعنى مستقلًاّ، فتدبّر.
ذكر و تعقيب
أجاب سيّد مشايخنا المحقّق الفشاركي (قدس سره)- على ما حكي عنه [1]- عن الإشكال الأخير: بأنّ المادّة ملحوظة أيضاً في وضع الهيئات، فيكون الموضوع هي المادّة المتهيّئة بالهيئة الخاصّة- و هو الوضع الحقيقي الدالّ على المعنى- و ليس الوضع الأوّل إلّا مقدّمة لهذا الوضع و تهيئة له. و لا نُبالي بعدم تسمية الأوّل وضعاً؛ إذ تمام المقصود هو الوضع الثاني.
و لكن فيه- مضافاً إلى أنّه يزيد في الإشكال- غير تامّ في نفسه؛ و ذلك لأنّه لو كانت المادّة موضوعة للمعنى أوّلًا فدلالتها عليه قهرية، و لا معنى لوضع اللفظ لمعنىً لا يدلّ عليه.
مع أنّه لو لم تكن للمادّة الكذائية معنىً لا يصحّ جعلها مادّة للمشتقّات؛ لأنّ المبدأ لا بدّ و أن يكون له معنىً سارياً في جميع المشتقّات، و المفروض أنّ المادّة الكذائية لم تكن لها معنىً.
مع أنّ غاية ما يقتضي وضعها تهيّئيةً هي عدم دلالتها مستقلّة، و أمّا أصل الدلالة- و لو تبعاً- فلا. فيلزم التعدّد في الدلالة على نفس الحدث؛ لأنّه يفهم من
[1]- الحاكي شيخنا العلّامة أبو المجد صاحب الوقاية. انظر وقاية الأذهان: 161- 162.