تعلّق بنفس طبيعة الصلاة بين الحدّين، و دليل اشتراط الطهارة دلّ على أنّه إذا كنتَ واجداً للماء فيجب الطهارة المائية، و إلّا فالطهارة الترابية، و فرض أنّه لم يكن لدليل الشرط في حالتي وجدان الماء و فقدانه إطلاق. فلو اضطرّ و أتى بالفرد الاضطراري، ثمّ ارتفع الاضطرار فشكّ في إسقاط التكليف المعلوم فالقاعدة تقتضي بقاء الخطاب المحدود بين الحدّين.
و أمّا على تعدّد الأمر بحيث تعلّق أحدهما بالصلاة مع الطهارة المائية و الآخر بالصلاة مع الطهارة الترابية فلا يخلو إمّا أن نقول في مورد العذر- سواء كان عقلياً محضاً كعدم القدرة على الامتثال، أو عقلياً غير محض؛ بأن تصرّف الشارع فيه، كعدم وجدان الماء المأخوذ في قوله تعالى: «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً»*[1] فإنّ المراد به عدم الوجدان العرفي لا العقلي- بسقوط التكليف عند العذر و يُحيى عند القدرة، أو نقول ببقاء التكليف و فعليته، إلّا أنّ المكلّف معذور عند ذلك.
و الحقّ عندنا- كما سنذكره في مبحث الترتّب مفصّلًا- الأخير؛ لأنّ الأحكام القانونية تتعلّق بالطبائع، فإذا وقعت في معرض الإجراء تكون فعلية من دون لحاظ حالات آحاد المكلّفين، و لا يكون الحكم فعلياً بلحاظ حالة شخص و إنشائياً بلحاظ حالة شخص آخر.
فالأحكام التي بلّغها النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) و الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، و صارت في معرض عمل الامّة الإسلامية كلّها أحكام فعلية [2].
[2]- قلت: و هي غير الأحكام المذخورة عند ولي اللَّه الأعظم- جعلني اللَّه من كلّ مكروه فداه- فإنّها أحكام إنشائية غير بالغة مرحلة الفعلية، تصير فعلية عند ظهوره، (عجّل اللَّه فرجه الشريف) و جعلنا من أنصاره و أعوانه. [المقرّر حفظه اللَّه].