على القول الحقّ تتكثّر بتكثّر الأفراد- خلافاً للرجل الهمداني، الذي لاقى شيخ الرئيس- فالطبيعة موجودة بتمام ذاته في كلّ فردٍ فردٍ، فإذا تعلّق الأمر بنفس الطبيعة فإن أوجد المكلّف فرداً منها فقد أوجد تمام المأمور به؛ فيسقط الأمر.
و أمّا لو أوجد أفراداً منها دفعة واحدة فحيث إنّ الطبيعة متكثّرة بتكثّر أفرادها- لكونها ماهية لا تأبى الوحدة و لا الكثرة، و كلّ فرد محقّق للطبيعة برأسه- فإذا أتى المكلّف بأفراد متعدّدة فقد أوجد المطلوب في ضمن كلّ فرد مستقلًاّ؛ فيكون امتثالات مستقلّة بعدد ما أتى به.
و هذا نظير الواجب الكفائي؛ حيث إنّ المطلوب فيه نفس إيجاد الطبيعة. غايته:
يكون المكلّف جميع المكلّفين؛ فكما أنّه مع إتيان واحد منهم يسقط الوجوب، و مع إتيان الجميع يكونون أجمع ممتثلين، و يحسب لكلٍّ امتثالًا مستقلًاّ.
و فيه أوّلًا: لعلّ منشأ ما أفاده الغفلة عن دقيقة؛ و هي أنّ الطبيعة و إن كانت متكثّرة في الخارج بتكثّر الأفراد، و لا إشكال فيه على مذهب الحقّ- كما اشير إليه- و لكن الطبيعة المأمور بها بما أنّها مأمور بها لا تكثّر فيها؛ لأنّ تكثّر الطبيعة إنّما هي بلحاظ الخارج. و أمّا نفس الطبيعة من حيث هي هي لا تكثّر فيها.
و واضح: أنّ متعلّق الأمر نفس الطبيعة لا وجودها؛ لأنّ الخارج- كما ذكرنا غير مرّة- ظرف سقوط التكليف و امتثاله، لا ظرف ثبوت التكليف و تعلّقه.
فإذا كان مصبّ تعلّق الأمر و مورده ليس إلّا نفس الطبيعة من حيث هي هي، و بهذا اللحاظ- كما أشرنا- لا تكثّر فيها فهنا أمر واحد تعلّق بطبيعة واحدة؛ فلا معنى لامتثالات متعدّدة.
و بعبارة اخرى: تحقّق الامتثالات فرع وجود الأوامر- و لو انحلالًا- فلو تعلّق أوامر متعدّدة- و لو انحلالًا- ففي إطاعتها امتثالات، كما أنّ في تركها عقوبات.
و المفروض: أنّ فيما نحن فيه ليس إلّا أمراً واحداً غير منحلّ، تعلّق بطبيعة واحدة؛