و ذلك فيما إذا كان المطلوب وجود الفعل في الخارج كيف اتّفق، من دون دخالة لصدوره عن المخاطب و انتسابه به في تحصيل ذلك الغرض، كالأمر بغسل الثوب.
و لا يرد: أنّه على هذا الغرض ينبغي أن ينحدر الحكم و الأمر إلى الفعل نفسه، و يحكم بأنّ ذلك الفعل- كالغَسل مثلًا- مطلوب من دون توجيهه إلى شخص معيّن؛ لأنّه يتصوّر لتوجيه الخطاب للشخص غرض آخر وراء الغرض الباعث على التكليف بأصل الفعل.
و منها: ما لا يكون كذلك بل لا بدّ في سقوط الأمر من صدور المكلّف به من المخاطب نفسه؛ بحيث لا يكون تحقّقه من غيره بأيّ نحو مسقطاً له أصلًا. و ذلك فيما يكون للانتساب و القيام به دخل في حصول أصل الغرض، كالصلاة و الصوم.
و منها: ما يكون متوسّطاً بين الأوّلين؛ بحيث لا يكون وجوده المطلق مسقطاً، و لا وجوده من خصوص المخاطب فقط مسقطاً، بل لا بدّ فيه من الارتباط به بنحو، و ذلك من وجوه:
الأوّل: أن يكون له التسبّب بالاستئجار- مثلًا- و حينئذٍ يكون فعل الأجير مسقطاً للتكليف، مع كونه فعلًا بنفسه، من دون لزوم قصد النيابة و نحوه. بل الأجير يبني و يهدم و يرفع و يضع لأُجرته المسمّاة في العقد- مثلًا- لا بعنوان كونه نائباً عن المستأجر في البناء.
و كيف كان: فالسقوط من المخاطب في هذا القسم لا بدّ له من عمل؛ من فعل نفسه أو التسبيب له.
الثاني: أن يكون له الاستنابة؛ بأن يجعل شخصاً آخر بمنزلة وجود نفسه؛ فكما أنّه لو صدر الفعل من وجوده الحقيقي لكان مسقطاً للتكليف، فكذلك لو صدر من وجوده التنزيلي، الذي هو النائب.