- مثلًا كيف اتّفق، بل لا بدّ فيه من قصد التقرّب. و لكن- مع ذلك- لا يعدّ ذلك منه عبادة، و بإتيانه لم يعبد الربّ تعالى، و إنّما تقرّب إليه.
و منها: ما يعتبر فيه- مضافاً إلى قصد العنوان- قصد التقرّب، و ينطبق عليه كونه عبادة للَّه تعالى. كالصلاة، و هي أظهر مصاديقها، كما تشعر بذلك الأذكار و الأوراد الواردة فيها؛ فإنّها وظيفة شرعت لتعبّد الربّ و الثناء له بالربوبية، و سائر الصفات الجمالية، و تنزيهها عن النقص و الصفات الجلالية، و تخشّع العبد بالنسبة إلى ربّه تعالى. و يقال لهذا القسم: العبادة، و يعبّر عنه بالفارسية ب «پرستش».
و لا يخفى: وجود الفرق بين القسمين الأخيرين؛ و ذلك لأنّ الابن إذا امتثل أمر والده و أطاعه لا يقال: إنّه عَبَده، بل يقال: إنّه أطاعه و تقرّب إليه.
فإذن: لم يكن كلّ فعل قربي و إطاعة عبادة؛ فإنّ العبادة المرادفة لكلمة «پرستش» مختصّ بالربّ تعالى، و لا يجوز عبادة غيره، و من عبد غيره تعالى يكون مشركاً.
فهي أخصّ من مطلق التقرّب و الإطاعة؛ و لذا لا يكون صرف الإطاعة و التقرّب إلى غيره تعالى شركاً و محرّماً، بل يكون جائزاً، و ربّما يكون واجباً.
فظهر: أنّ التعبّديات و ما يكون قصد التقرّب معتبراً فيها على قسمين: فقسم منها ما يعدّ العمل من الشخص عبادة؛ و هو التعبّدي بالمعنى الأخصّ، و قسم لا يطلق عليه ذلك، بل يعدّ ذلك منه تقرّباً و إطاعة.
فعلى هذا: الأولى- دفعاً للاشتباه- تبديل عنوان التعبّدي بعنوان التقرّب.
فعند ذلك: ينقلب التقسيم الثنائي إلى التقسيم الثلاثي؛ فيقال: الواجب إمّا توصّلي؛ و هو الذي لا يعتبر فيه حتّى قصد العنوان، أو قربي؛ و هو الذي يعتبر فيه قصد الإطاعة و التقرّب.
و التقرّبي- القربي- إمّا تعبّدي؛ و هو الذي يؤتى به لأجل عبادته تعالى و الثناء